الاثنين، 20 أبريل 2020

بقاء قريش تحت سقف الضغط وعدم وصولها إلى سفك الدماء

بقاء قريش تحت سقف الضغط وعدم وصولها إلى سفك الدماء :
.
بقي النبي ص ومن معه في موقف سلبي تمامًا من ناحية الدفاع ، في الوقت الذي كانت فيه قريش في موقف الهجوم والتنكيل والتعذيب من دون أن تصعد في موقفها وتحسم الأمر . إذ لم تكن ترى خطرًا جديا في البداية على مصالحها الكبرى ، وإن كانت قد أخذت تضيق ذرعا بالدعوة الإسلامية ، وخاصة عندما لاحظت ازدياد أعداد الذين أخذوا يعتنقون الدين الجديد ، فأخذ خوفها من زوال مركزها التجاري يزداد ويكبر . كما أنها لم تكن متفقة على التشديد ضد المسلمين ، فقد كان كثير منهم من بطون قريش نفسها ومن أولاد كبارهم ورؤسائهم ، ولم يكن من السهل إلحاق الأذى بشخص ذي عشيرة قوية ، فكان أي عمل من هذا القبيل يحتاج إلى مشورة مع أشرافهم ، وبالتالي يحتاج إلى اتفاق .
وأي خلل في حصول الإجماع على إيذاء شخص مسلم ينتمي إلى عشيرة قوية ، فإن ذلك كان يمنع إيذاءه ؛ لأن العصبية القبلية كانت لا تزال قوية إلى الدرجة التي كان يمكن أن
تؤدي إلى نزاع دموي باهظ الثمن .
ولم تصل قريش إلى مرحلة السيف وحسم الأمر إلا في السنة الثالثة عشرة للبعثة بعد انكشاف بيعة الأوس والخزرج للنبي ص على النصرة . فقد كان معنى ذلك بنظرها دخول النبي ص ورسالته مجالا اقتصاديا وتجاريا وحياتيا خطرا عليها ، ألا وهو التحالف مع قبيلتين قويّتين تمسكان طريقها التجاري إلى الشام ، وتشكلان منافسا قويا لها . فحاولت قريش المبادرة إلى الهجوم السريع ؛ فانكشف النبي ص من جهة عشيرة بني هاشم ، خصوصا أن أبا لهب كان هو المرشح لزعامتها ، فوضع النبي ص نفسه في دائرة المبادرة السريعة إلى الخروج والهجرة ، والالتجاء إلى قاعدة آمنة بعيدة عن سطوة قريش المباشرة .
وكان أبو طالب ، والحمزة ، وبنو هاشم ، وحلفاؤهم خلفهم ، يشكلون رادعا يحمل احتمالات انفجار حرب داخليّة ، سوف تتضرر قريش منها كلها ، وسوف يقع الضرر ثقيلا على تجارها وأغنيانها . فلم يكن سهلا وقريش تنظر بحذر إلى تربّص القبائل بها في الخارج ، أن تقوم بتفجير وضعها الداخلي .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق