الخميس، 30 أبريل 2020

إجراءات النبي ص الداخلية استعداداً للمعركة

إجراءات النبي ص الداخلية استعداداً للمعركة :
.
لكي يقف الأنصار موقفا مضحيّا صارما لا بد أن يقف المهاجرون أولا موقفا صارما .
فهم أصحاب الفضية ، والمعنيون مباشرة بقتال قريش والدفاع عن قضيّتهم ، فإذا تقاعس المهاجرون ولم يقفوا موقفا قويًا ، فكيف يقف الأنصار الموقف المؤمّل منهم؟
طلب الرسول ص من المهاجرين أن يجتمعوا مع بعضهم بعضاً إلى جانب ، وطلب من الأنصار أن يجتمعوا في الجهة الأخرى . ثم التفت رسول الله إلى المهاجرين أولا ، وقال لهم : أشيروا علي ، فأشار عليه بعضهم بالرجوع وترك المعركة مع قريش ، فلم يرتض رسول الله ص بهذه الإشارة المحبطة للنفوس . وهنا كرر النبي له طلبه ثالثا : «أشيروا علي!» .
فقام المقداد وتكلم بكلام يحث فيه الناس على القتال ، ثم قال : «اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكم مقاتلون ، والله لنقاتل عن يمينك وشمالك ، ومن بين يديك ، ولو خضت بحرا لخضناه معك ، ولو ذهبت بنا برك الغماد لتبعناك» ، فأشرق وجه النبي ص ودعا له ، وسر لذلك ، وضحك .
وبعد أن اطمأن النبي ص إلى الموقف ، توجه إلى الأنصار ، وقال : «أشيروا علي» .
فقام سعد بن معاذ فقال : «بأبي أنت وأمي ، يا رسول الله ، كأنّك أردتنا؟» ، قال : «نعم» .
قال : «فلعلك قد خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟» ، قال : «نعم» .
فقال : «بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، إنا قد آمنا بك وصدّقناك ، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، فمرنا بما شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، واترك منها ما شئت ، والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت منه . والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك. فجزاه رسول الله خيرا» .
وبهذا ، يكون رسول الله ص قد اتضح له موقف المهاجرين ، وأخذ موقفا واضحا وصريحا من الأنصار والذي يظهر من كلام المقداد وسعد بن معاذ أنهما لم يشيرا على النبي باقتراح ، لا
سلبا ولا إيجابا ، بل كان جوابهما إظهار التسليم والانقياد التام للنبي ص ، وكان هذا زائدًا على ما يريده النبي ص إظهارا لدرجة من الإيمان والإخلاص والتسليم ، وهو من أجل ذلك
ضحك لكلام المقداد ، وسرّ لكلام سعد .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق