الأحد، 26 أبريل 2020

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار :
.
كان من أول آثار الهجرة انفصال المهاجرين عن عشائرهم وقبائلهم بصورة حقيقية وعميقة ، حتى وقع الانفصال بينهم وبين أقرب المقربين إليهم من أهليهم وإخوانهم وبعضهم كان أقرباؤهم ممن أساء إليهم وآذاهم فأمسوا في يثرب ، وقد انقطعت علائقهم بذوي أرحامهم ، وصاروا في مجتمع القبلية والعشائريّة والعصبيّة ، لا عصبيّة لهم تحميهم وتصونهم ، وهنا ، جاءت الحكمة الإلهية لكي تسد هذا الفراغ ، وتحل محل
العصبية العشائرية أخوّة الإسلام الإيمانية .
وسوف يعالج النبي ص بهذه الأخوة الإسلامية أيضا ما سينجم عن الشعور بالتفوق القرشي في الحجاز عند المهاجرين من هوّة بينهم وبين الأنصار . وقد آخى رسول الله
بين أصحابه مرّتين :
الأولى : في مكة ، أي قبل الهجرة بسنة تقريبا ؛ حيث آخى رسول الله ص أولا بين المهاجرين أنفسهم ، وكانت المؤاخاة بين كل ونظيره . وكانت خطوة تمهيدية للمؤاخاة الكبرى بين المسلمين في يثرب .
الثانية : في يثرب ، في السنة الأولى من هجرة رسول الله ص والمسلمين إليها ، وبعد مضي خمسة أو ثمانية أشهر على وصولهم ، آخى النبي ص بين المهاجرين والأنصار ، فجعل لكل مهاجر أخَا من الأنصار ، فلم يبق من المهاجرين أحد إلا آخى بينه وبين أنصاري ، ثم استمرت هذه المؤاخاة كلما ازداد عدد المهاجرين ، فقد كان عدد الأنصار أكبر من عدد المهاجرين ، وكان النبي ص يؤاخي بين الرجل ونظيره ؛ وكان يلاحظ التناسخ والتشابه والتلاؤم بين الأشخاص .
ولكن هذه المؤاخاة لم تشمل التوارث ، ولعل توهما بشمولها حصل عند بعضهم ، فنزلت سورة الأنفال التي تجعل الإرث لأولي الأرحام . وقيل إنها شملت التوارث ثم نسخ التوارث بالمؤاخاة بعد بدر . وكانت المؤاخاة قبل بدر ، ولم يكن بعد بدر مؤاخاة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق