السبت، 9 مايو 2020

يهود بني قريظة والخطر الداخلي

يهود بني قريظة والخطر الداخلي :
.
 1 . نقض العهد :
 جاء حيي بن أخطب في جوف الليل إلى بني قريظة ، فكرهوا في بادئ الأمر دخوله إلى دارهم ، ثم فتحوا له الباب ، فقال : « ويحك يا كعب ، جئتك بقريش وبغطفان على قادتهما وسادتهما حتى أنختهم بالمدينة . یا کعب ! انقض العهد الذي بينك وبين محمد ولا ترد رأيي ، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا ، فإن فاتك هذا الوقت فلا تدرك مثله أبدا ! » ، فأبی کعب ، وقال : « جئتني بذل الدهر .
لقد كان كعب بن أسد يدرك أن تلك الجيوش الزاحفة على المدينة لن تكون قادرة على تحقيق ما تسعى إليه ، وكان حيي بن أخطب يعلم جيدا أن يهوديا ككعب لا يلتزم بعهده بدافع أخلاقي ، ولا يحترم الوفاء والصدق ، ولذلك أخذ حيي يزين له نقض العهد ، ويبين له المصلحة في ذلك ، حتى أعطاه عهدا من الله وميثاقا أن يكون معه إذا فشلت الأحزاب في إنهاء محمد ، فرفض كعب أيضا ، ولجأ حيي إلى الكذب والخداع ، فقال : « لا تقاتل حتى تأخذ سبعين رجلا من قريش وغطفان رهانا عندكم » ، فأجابه شيوخ بني قريظة ممن كان يرغب أصلا بنقض العهد ، ولكن بعضهم لم يقبل هذا الأمر ، فخرج إلى رسول الله والتحق به وأسلم .
.
2 . النبي ص يواجه خيانة بني قريظة :
بلغ رسول الله ص نقض بني قريظة للعهد ، فغمه ذلك غما شديدا ، وشق عليه أن يفتت ذلك أعضاد المسلمين ، فقال : « حسبنا الله ونعم الوكيل » , وبعث إلى بني قريظة وفدا من الأوس بقيادة سعد بن عبادة ، فكان موقفه ص منصفا معهم ، إذ مد إليهم يده ثانية ، مؤكدا لهم أنه ما زال على حسن الجوار وحفظ العهد . وطلب رسول الله ص من الوفد أن يستخبروا له الأمر ، فجاؤوا إلى باب الحصن ، ووجدوهم مکاشفین بالغدر والنيل من رسول الله ص ، فدعوهم إلى الموادعة ، فرفضوا ، وانهال اليهود بسيل من الشتائم والسباب على المسلمين . أخبر الوفد النبي ص بذلك ، فقام النبي ص وتقنع بثوبه واضطجع ، ومكث طويلا ، ثم رفع رأسه ، وكبر يبشر المسلمين بالنصر الأكيد ، وقال : « الله أكبر ، أبشروا يا معشر المسلمين ، بفتح الله ونصره وعونه ، إني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق ، وآخذ المفتاح ، وليهلكن كسرى وقيصر ، ولتنفق أموالهم في سبيل الله » .
.
3. المسلمون في مواجهة نقض بني قريظة للعهد :
نجح الأحزاب في تحويل بني قريظة إلى قوة معادية للمسلمين داخل المدينة ، فاستحکم الحصار وتم من جميع الجهات . فمن جهة الشرق ، كان بنو أسد وهوازن وفرارة
واليهود من بني قريظة والنضير ، ومن جهة الغرب كانت قريش وكنائة وغطفان . فعظم البلاء، واشتد الخوف ، حتى ظن المؤمنون كل ظن ، ونجم النفاق ، وشغلتهم أنفسهم ، فلا
يستريحون ليلا ، ولا نهارا ، وكانوا يبيتون في الخندق خائفين ، فإذا أصبحوا أمنوا .
وكان الخوف العام عند المسلمين من يهود بني قريظة أشد من الخوف من قريش ، فلم يكن هناك خندق ولا حتى حشد عسکري قبالتهم ، بل كانت الآطام والبيوت ، حيث الذراري والأطفال والنساء والأموال ، مما زرع الخوف والرعب في قلوبهم ، وجعل عيونهم بدلا من أن تكون على الخندق تنحرف إلى الخلف ، وتنظر بقلق إلى الآطام .
وبدأت ألسن المنافقين تشكك في قدرتهم على المواجهة ، ولقد حاول النبي ص مواجهة ضغط المنافقين فكان ينفخ روح الحماسة ، ويبث السكينة والطمأنينة في القلوب ، وانتقلت عدوى النفاق إلى كثير من الناس ، ولم يبق مع رسول الله إلا القليل ، فبعضهم انهارت عزائمه ، وبعضهم الآخر استأذن الرسول ، واعتلوا بأن منازلهم عورة ، فأذن لهم .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق