تحليل الموقف العام للمعركة - معركة الخندق :
.
1 . طبيعة تركيبة جيش المشركين :
حقق تحالف الشرك واليهودية أوسع إجماع يمكن الحصول عليه من القبائل المختلفة ، يسودهم جميعا حقد أسود على الإسلام والمسلمين . فسيطرت على معسكر الشرك والكفر في أول أيام نزولهم عند الخندق حالة من الزهو والغرور ، بسبب ما استشعروہ من القوة والتفوق في العدة والعدد ، والاطمئنان بإحراز النصر . ولذلك فقد احتفلوا فور وصولهم ، وعقدت في خيامهم حلقات العزف ، والغناء ، وشرب الخمر ، وأرسل أبو سفيان کتبا إلى النبي ص مهددا إياه بما جمعه من الأحزاب لقتاله .
إلا أن عناصر الخلل كانت قوية داخل صفوفهم ، ولكنها لم تظهر في الفترة الأولى للحرب ، إذ كانت تحتاج إلى ظروف موضوعية ، وإلى تطور في سير الحرب . وقد كانت
كثرة أعداد الأحزاب مشكلة في حد ذاتها ، ولكن هذه المشكلة لم تظهر لهم في الطريق ، بل ابتدأت بالظهور فور اصطدامهم بالإجراء الدفاعي الذي أعده المسلمون ، فانقلبت الكثرة من عنصر إيجابي في المعركة إلى عنصر سلبي ، وأخذت هذه الأعداد الهائلة التي تراوحت بين عشرة آلاف وأربعة وعشرين ألفا ، والآلاف من الدواب التي تحتاج إلى كمية هائلة كل يوم من التموين والعلف ، تضغط كل يوم باتجاه التراجع والانسحاب بعد أن أجهض الخندق فكرة الحسم العسكري .
كذلك كانت القبلية والتمزق الذاتي مفسدا ذاتيا يظهر في كل مناسبة ، وبمجرد توقف حركة الجيش عن التقدم ، وانشغاله عن الحرب الحاسمة بالانتظار ، أخذ الشقاق والخلاف ينبت بعشوائية في صفوف لم تكن أصلا متحدة إلا خلال أيام منوا أنفسهم فيها بنصر حاسم ، يحصلون بعده على الغنائم والأسلاب والأموال والتمور والثروة . ثم إذا بالخندق يوقظ هؤلاء جميعا من أحلامهم ؛ فيعودون إلى واقعهم الذي سرعان ما أثمر يأسا ، ثم قرارا بالانسحاب والعودة إلى أهلهم ومضاربهم وديارهم .
.
2 . خيارات جيش الأحزاب :
بعد أن شاع بين صفوف المشركين خبر الإجراء الدفاعي الذي نفذه المسلمون بحفر الخندق ، تلاشت فكرة خوض معركة حاسمة سريعة ضد المسلمين . إلا أن رؤساء الكفر والشرك ابتدؤوا في جو من الشعور بالتفوق يحاولون إعادة الإمساك بزمام المبادرة ، فقد اعتقدوا أن الحصار الذي أحكموه على المدينة قد جمد أوصال المسلمين ، وقطع مددهم ، بينما كان المدد والشوكة إلى جانبهم .
فأخذت خطتهم العسكرية بالضغط على المسلمين تتضح ملامحها عبر ثلاثة محاور :
.
المحور الأول : محاولة الاستفادة من الحالة اليهودية في داخل المدينة . وكان العائق أمامهم هو العهد الذي وقعه اليهود مع النبي ص ، والذي كان يقضي بعدم مد يد العون إلى أعداء المسلمين ، فكانت خطة رؤوس الشرك والكفر تقوم على حمل يهود بني قريظة على نفض هذا العهد .
.
المحور الثاني : محاولة فتح ثغرة في الخندق يعبر منها المقاتلون ، ويندفعون منها إلى قلب المدينة مستفيدين من تفوقهم العسكري ، ومسقطين اللخط الدفاعي الأساسي الذي اعتمده المسلمون .
.
المحور الثالث : الاعتماد على طول الحصار ، وتضييق الخناق على المدينة ، والمراهنة على عناصر الشقاق والجوع والخوف في إحداث زلزال في صفوف المدافعين قد يؤدي إلى انهيارهم ، فانتشرت مظاهر الفرح والسرور في أوساط المشركين ، وكانت مجالس الخمر والغناء إيحاء منهم لأنفسهم بأن طول التنفس والمكوث الطويل سلاح ماض في هذه المعركة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
.
1 . طبيعة تركيبة جيش المشركين :
حقق تحالف الشرك واليهودية أوسع إجماع يمكن الحصول عليه من القبائل المختلفة ، يسودهم جميعا حقد أسود على الإسلام والمسلمين . فسيطرت على معسكر الشرك والكفر في أول أيام نزولهم عند الخندق حالة من الزهو والغرور ، بسبب ما استشعروہ من القوة والتفوق في العدة والعدد ، والاطمئنان بإحراز النصر . ولذلك فقد احتفلوا فور وصولهم ، وعقدت في خيامهم حلقات العزف ، والغناء ، وشرب الخمر ، وأرسل أبو سفيان کتبا إلى النبي ص مهددا إياه بما جمعه من الأحزاب لقتاله .
إلا أن عناصر الخلل كانت قوية داخل صفوفهم ، ولكنها لم تظهر في الفترة الأولى للحرب ، إذ كانت تحتاج إلى ظروف موضوعية ، وإلى تطور في سير الحرب . وقد كانت
كثرة أعداد الأحزاب مشكلة في حد ذاتها ، ولكن هذه المشكلة لم تظهر لهم في الطريق ، بل ابتدأت بالظهور فور اصطدامهم بالإجراء الدفاعي الذي أعده المسلمون ، فانقلبت الكثرة من عنصر إيجابي في المعركة إلى عنصر سلبي ، وأخذت هذه الأعداد الهائلة التي تراوحت بين عشرة آلاف وأربعة وعشرين ألفا ، والآلاف من الدواب التي تحتاج إلى كمية هائلة كل يوم من التموين والعلف ، تضغط كل يوم باتجاه التراجع والانسحاب بعد أن أجهض الخندق فكرة الحسم العسكري .
كذلك كانت القبلية والتمزق الذاتي مفسدا ذاتيا يظهر في كل مناسبة ، وبمجرد توقف حركة الجيش عن التقدم ، وانشغاله عن الحرب الحاسمة بالانتظار ، أخذ الشقاق والخلاف ينبت بعشوائية في صفوف لم تكن أصلا متحدة إلا خلال أيام منوا أنفسهم فيها بنصر حاسم ، يحصلون بعده على الغنائم والأسلاب والأموال والتمور والثروة . ثم إذا بالخندق يوقظ هؤلاء جميعا من أحلامهم ؛ فيعودون إلى واقعهم الذي سرعان ما أثمر يأسا ، ثم قرارا بالانسحاب والعودة إلى أهلهم ومضاربهم وديارهم .
.
2 . خيارات جيش الأحزاب :
بعد أن شاع بين صفوف المشركين خبر الإجراء الدفاعي الذي نفذه المسلمون بحفر الخندق ، تلاشت فكرة خوض معركة حاسمة سريعة ضد المسلمين . إلا أن رؤساء الكفر والشرك ابتدؤوا في جو من الشعور بالتفوق يحاولون إعادة الإمساك بزمام المبادرة ، فقد اعتقدوا أن الحصار الذي أحكموه على المدينة قد جمد أوصال المسلمين ، وقطع مددهم ، بينما كان المدد والشوكة إلى جانبهم .
فأخذت خطتهم العسكرية بالضغط على المسلمين تتضح ملامحها عبر ثلاثة محاور :
.
المحور الأول : محاولة الاستفادة من الحالة اليهودية في داخل المدينة . وكان العائق أمامهم هو العهد الذي وقعه اليهود مع النبي ص ، والذي كان يقضي بعدم مد يد العون إلى أعداء المسلمين ، فكانت خطة رؤوس الشرك والكفر تقوم على حمل يهود بني قريظة على نفض هذا العهد .
.
المحور الثاني : محاولة فتح ثغرة في الخندق يعبر منها المقاتلون ، ويندفعون منها إلى قلب المدينة مستفيدين من تفوقهم العسكري ، ومسقطين اللخط الدفاعي الأساسي الذي اعتمده المسلمون .
.
المحور الثالث : الاعتماد على طول الحصار ، وتضييق الخناق على المدينة ، والمراهنة على عناصر الشقاق والجوع والخوف في إحداث زلزال في صفوف المدافعين قد يؤدي إلى انهيارهم ، فانتشرت مظاهر الفرح والسرور في أوساط المشركين ، وكانت مجالس الخمر والغناء إيحاء منهم لأنفسهم بأن طول التنفس والمكوث الطويل سلاح ماض في هذه المعركة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق