حملة أبرهة :
.
كانت الإمبراطورية الرومانيّة تسعى إلى فرض سيطرتها على سواحل المحيط الهندي والبحر الأحمر ؛ لتأمين الطريق أمام القوافل التجاريّة العائدة إليها ، وكانت تحاول ضمن
هذا المسعى أن تجد لها موطئ قدم داخل شبه الجزيرة العربية . وقد شجعتها مسيحيّة ملك الحبشة على ذلك ، ووجدت فيه فرصة مهمة لبسط النفوذ .
استمر حكم أبرهة لجنوب شبه الجزيرة العربيّة مدّة أربعين عامًا تقريبا . وكان أبرهة قد بلغ في حكمه لليمن من القوة والهيبة درجة جعلت أباطرة عصره يتسابقون لخطب وده والفوز برضاه ، فكان سفراؤهم يتوافدون عليه الواحد بعد الآخر ، وكان ذلك من الأمور التي سجلها أبرهة وتركها في تاريخه .
بعد أن استتبت الأمور لأبرهة في جنوب شبه الجزيرة العربيّة ، أخذ يفكر في غزو شمال شبه الجزيرة العربيّة والحجاز لإخضاعها إلى سيطرته .
وكان أبرهة قد دأب منذ استيلائه على اليمن على نشر الديانة المسيحية ، فكان من أعماله بناء كنيسة في «صنعاء» سمّاها «القليس»، من أجل أن يحول إليها أنظار سكان شبه الجزيرة العربيّة جميعا ، ويجعلها كعبة جديدة لهم .
ولمّا فرغ أبرهة من بنائها ، أرسل إلى نجاشي الحبشة يقول : «إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يُبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حاج العرب ) .
فلمّا تحدّث العرب بذلك كبر عليها ، فأقدم رجل من بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة على تدنيس القليس ببعض القاذورات ، وبلغ أبرهة ذلك ، فقال : «من صنع هذا؟»
فقيل : «صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي تحج إليه العرب في مكة لما سمع من قولك : أصرف إليه حاج العرب» .
فغضب أبرهة غضبا شديدا ، وأقسم ليسيرن إلى البيت فيهدمه ، وجهز جيشه وأعدّ نفسه إعدادًا جيّدا للقيام بهذه الحملة ، وسار أبرهة إلى مكة على رأس جيش كبير من
الأحباش ، تتقدمهم الفيلة .
ولما اقترب أبرهة من مكة ، كان جل قريش قد خرجوا إلى الجبال ، فاستولى أبرهة على أموال وممتلكات قريش ، وأصاب مئتي بعير لعبد المطلب ، فلمّا أتاه عبد المطلب ،
عظمه أبرهة وهابه وأجله وقال له : «سلني يا عبد المطلب» ، فأبى أن يسأله إلا إبلا له ، فأمر بردها عليه ، ثم قال أبرهة لترجمانه : «قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم
زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في إبلك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه ؟! ألا تسالني الرجوع ، فقال عبد المطلب : «أنا رب هذه الإبل ، وللبيت رب سيمنعه منك
ثم عاد عبد المطلب إلى مكة ، وأقام في الحرم ، وقال: «والله لا أبرح من حرم الله ، أبتغي العز في غيره ، ولا أعوذ بغير الله» ، فجلس عند البيت قائلا : «اللهم إنّ المرء يمنع رحلهٔ
فامنع حلالك» . وقال : «لا يصل إلى هدم البيت ؛ لأنّ لهذا البيت رب يحميه ويحفظه» .
ولمّا تهيّا أبرهة للهجوم على مكة ، وأمر جيشه بالهجوم لهدم البيت ، برك الفيل في المغمس ، وضربوه فأبى ، وكانوا كلما وجهوه إلى اليمن وإلى باقي الجهات يتوجه ، إلا
أنهم كلما وجهوه نحو مكة كان يبرك ، ثم أرسل الله عليهم طيراً أبابيل أمثال الخطاطيف ، مع كل طير منها ثلاثة أحجار ،
فقذفتهم بها ، لا تصيب أحدا منهم إلا هلك ، وخرج من سلم مع أبرهة هاربا يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه ، وكانوا يتساقطون خلال خروجهم ، وأصيب أبرهة في جسده
فقدموا به إلى صنعاء ، فما مات حتى انصدع صدره .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
.
كانت الإمبراطورية الرومانيّة تسعى إلى فرض سيطرتها على سواحل المحيط الهندي والبحر الأحمر ؛ لتأمين الطريق أمام القوافل التجاريّة العائدة إليها ، وكانت تحاول ضمن
هذا المسعى أن تجد لها موطئ قدم داخل شبه الجزيرة العربية . وقد شجعتها مسيحيّة ملك الحبشة على ذلك ، ووجدت فيه فرصة مهمة لبسط النفوذ .
استمر حكم أبرهة لجنوب شبه الجزيرة العربيّة مدّة أربعين عامًا تقريبا . وكان أبرهة قد بلغ في حكمه لليمن من القوة والهيبة درجة جعلت أباطرة عصره يتسابقون لخطب وده والفوز برضاه ، فكان سفراؤهم يتوافدون عليه الواحد بعد الآخر ، وكان ذلك من الأمور التي سجلها أبرهة وتركها في تاريخه .
بعد أن استتبت الأمور لأبرهة في جنوب شبه الجزيرة العربيّة ، أخذ يفكر في غزو شمال شبه الجزيرة العربيّة والحجاز لإخضاعها إلى سيطرته .
وكان أبرهة قد دأب منذ استيلائه على اليمن على نشر الديانة المسيحية ، فكان من أعماله بناء كنيسة في «صنعاء» سمّاها «القليس»، من أجل أن يحول إليها أنظار سكان شبه الجزيرة العربيّة جميعا ، ويجعلها كعبة جديدة لهم .
ولمّا فرغ أبرهة من بنائها ، أرسل إلى نجاشي الحبشة يقول : «إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يُبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمنته حتى أصرف إليها حاج العرب ) .
فلمّا تحدّث العرب بذلك كبر عليها ، فأقدم رجل من بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة على تدنيس القليس ببعض القاذورات ، وبلغ أبرهة ذلك ، فقال : «من صنع هذا؟»
فقيل : «صنعه رجل من أهل هذا البيت الذي تحج إليه العرب في مكة لما سمع من قولك : أصرف إليه حاج العرب» .
فغضب أبرهة غضبا شديدا ، وأقسم ليسيرن إلى البيت فيهدمه ، وجهز جيشه وأعدّ نفسه إعدادًا جيّدا للقيام بهذه الحملة ، وسار أبرهة إلى مكة على رأس جيش كبير من
الأحباش ، تتقدمهم الفيلة .
ولما اقترب أبرهة من مكة ، كان جل قريش قد خرجوا إلى الجبال ، فاستولى أبرهة على أموال وممتلكات قريش ، وأصاب مئتي بعير لعبد المطلب ، فلمّا أتاه عبد المطلب ،
عظمه أبرهة وهابه وأجله وقال له : «سلني يا عبد المطلب» ، فأبى أن يسأله إلا إبلا له ، فأمر بردها عليه ، ثم قال أبرهة لترجمانه : «قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم
زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في إبلك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه ؟! ألا تسالني الرجوع ، فقال عبد المطلب : «أنا رب هذه الإبل ، وللبيت رب سيمنعه منك
ثم عاد عبد المطلب إلى مكة ، وأقام في الحرم ، وقال: «والله لا أبرح من حرم الله ، أبتغي العز في غيره ، ولا أعوذ بغير الله» ، فجلس عند البيت قائلا : «اللهم إنّ المرء يمنع رحلهٔ
فامنع حلالك» . وقال : «لا يصل إلى هدم البيت ؛ لأنّ لهذا البيت رب يحميه ويحفظه» .
ولمّا تهيّا أبرهة للهجوم على مكة ، وأمر جيشه بالهجوم لهدم البيت ، برك الفيل في المغمس ، وضربوه فأبى ، وكانوا كلما وجهوه إلى اليمن وإلى باقي الجهات يتوجه ، إلا
أنهم كلما وجهوه نحو مكة كان يبرك ، ثم أرسل الله عليهم طيراً أبابيل أمثال الخطاطيف ، مع كل طير منها ثلاثة أحجار ،
فقذفتهم بها ، لا تصيب أحدا منهم إلا هلك ، وخرج من سلم مع أبرهة هاربا يبتدرون الطريق الذي جاؤوا منه ، وكانوا يتساقطون خلال خروجهم ، وأصيب أبرهة في جسده
فقدموا به إلى صنعاء ، فما مات حتى انصدع صدره .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق