الثلاثاء، 21 أبريل 2020

وأنذر عشيرتك الأقربين

وأنذر عشيرتك الأقربين :
.
هذه هي الخطوة الأولى في طريق معركة الإمامة بعد النبوة ، وقد فتحها الله تعالى ، وسنّ علي ع يوم ذاك ستة عشر عاما ، في حدود السنة السادسة للبعثة ، حينما كان النبي وبنو هاشم محاصرين في الشعب ، وبما أن بني هاشم تأخروا في
الانضمام جميعا إلى الإسلام ، فقد أراد الله عز وجل توجيه الإنذار إليهم . كذلك أراد الله تعالى أن يحدّد الوعي والخليفة بعد النبي ص ، فنزل قوله تعالى: ( وأنذز عشيرتك الأقربين ) .
فدعا رسول الله ص عليّا ع ، فقال له : يا علي ، إن الله تعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فادعهم ليأتوا واصنع لنا - يا علي - صاعا من طعام .
فخرج أمير المؤمنين ع ، وقال لهم : «أجيبوا رسول الله إلى غداء في الغد في منزل أبي طالب» ، فأكلوا وشربوا حتى أنهوا ، وكانوا كلما أكلوا أو شربوا بقي الطعام والشراب على حاله ، ولما فرغوا ، قال أبو لهب: «... وإنّ ابن أبي كبشة ، إنّ هذا لهو السحر المبين!» . فسكت رسول الله يومئذ ولم يتكلم . فتصدى له أبو طالب ، ثم خاطب رسول الله ص ، قائلا : «يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا حتى نخرج معك
بالسلاح» .
ثم دعاهم رسول الله ص من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ، وبعد أن فرغوا من طعامهم خاطبهم النبي ، منفذا أمره تعالى ، ولم يبدأهم بالدعوة إليه وإلى رسالته ، بل إلى بيعته على أن يكون أحدهم خليفته بعده ، ثم أنذرهم إن لم يستجيبوا له ، فقال : «يا بني عبد المطلب ، إني نذير لكم من الله عز وجل ، إني أتيتكم بما لم يأت به أحد من العرب ، فإن تطيعوني ترشدوا وتفلحوا ، وتنجحوا... واعلموا ، يا بني
عبد المطلب ، أنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، وإنكم عشيرتي الأقربون .
إنّ الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخَا ووزيرا ووصيّا ووارثا من أهله ، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء قبلي... ، فأيكم (يسبق إليها) يقوم فيبايعني على أنه أخي في الله ، ووزيري ووارثي دون أهلي ، ووصيّي وخليفتي (في أهلي) ، ويكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟! ومع ذلك يكون لي يدّا على جميع من خالفني ، فاتخذه وصيا ووليا ووزيرًا ، يؤدّي عني ويُبلغ رسالتي ، ويقضي ديني من
بعدي وعدائي مع أشياء أشترطها؟!» . فأمسك القوم ، فأعادها ثلاث مرات ويسكتون ويثب فيها علي ، فلما سمعها أبو لهب ، قال : «تبا لك يا محمد ، ولما جئتنا به ألهذا دعوتنا؟!» .
ثم قام علي ع وهم ينظرون إليه كلهم ، فقال : يا رسول الله ، أنا لها ، أنا أؤازرك على هذا الأمر .
فقال رسول الله : «يا أبا الحسن أنت لها قضي القضاء وجف القلم ، يا علي ، اصطفاك الله بأولها ، وجعلك ولي آخرها .
ثم قال: «يا بني عبد المطلب ، هذا أخي ووارثي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا . فقام القوم يقولون لأبي طالب : «قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام» .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق