السبت، 9 مايو 2020

إجلاء بني النضير عن المدينة

إجلاء بني النضير عن المدينة :
.
لمّا أصيب المشركون في بدر ، بلغ ذلك كعب بن الأشرف ، وكبر عليه فقتل من قتل في بدر ، فبكاهم وهجا النبي ص وأصحابه ، وكان يشبب بنساء المسلمين ونساء النبي ص أيضا حتى أذاهم ، وسار إلى مكة وحرّض على رسول الله . ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على حرب رسول الله ، فلمّا عاد إلى المدينة بدأ بتدبير مكيدة يقتل بها النبي ص .
وقد ظهرت تلك المكيدة عندما قدم النبي ص قاصدا كعب بن الأشرف . فلما دخل عليه ومعه جمع من أصحابه ، قال له كعب : «مرحبا يا أبا القاسم وأهلا» . وقام كأنه يريد أن يصنع لهم الطعام ، ثم خلا بعض اليهود إلى بعض ، فتناجوا في ما بينهم ، واتفقوا على قتل النبي ص بطرح حجارة عليه من فوق البيت الذي هو تحته . فإنه إن قتل تفرّق أصحابه ، فقال عمرو بن جحاش : «أنا أظهر على البيت فأطرح عليه صخرة» ، وقد رفض بعض اليهود ذلك ؛ لعلمهم بصدق نبوّة رسول الله ، حيث قال سلام بن مشكم : «يا قوم ، أطيعوني هذه المرة ، وخالفوني الدهر ، والله ، إن فعلتم ليخبرن بأنا قد غدرنا به ، وإن هذا نقض للعهد الذي بيننا وبينه ، فلا تفعلوا ، ألا فوالله لو فعلتم الذي تريدون ؛ ليقوم بهذا الدين منهم قائم إلى يوم القيامة يستأصل اليهود ويظهر دينه!» .
وغلب على أمر اليهود اتجاه الغدر والتآمر ، فجاء رسول الله الخبر من السماء بما هموا به ، فنهض سريعا ، وانصرف راجعا عنهم ، وقد عرف أنهم لا يقتلون أصحابه وهو حي ، وأخذ طريق المدينة وجلس أصحابه يتحدّثون ، فقال حيي : «عجل أبو القاسم ، قد كنا نريد أن نقضي حاجته وتعديه» ، فلما يئس أصحاب رسول الله من ذلك ، قاموا ورجعوا ، وعلموا أن رسول الله ص قد رجع إلى المدينة ، واستقبل بعض أصحاب كعب رسول الله ص وهو راجع إلى المدينة ، فأخبروا كعبا بذلك ، فقال كنانة بن صوريا : «لقد أخبر محمد بما هممتم به من الغدر ، والله إنّه لرسول الله ، وما قام إلا لأنه أخبر بما هممتم به ، وإنه لآخر الأنبياء فأطيعوني في خصلتين والثالثة لا خير فيها . قالوا: ما هما؟» ، قال : «تسلمون وتدخلون مع محمّد ، فتأمنون على أموالكم وأولادكم ، وتكونون من عليّة أصحابه ، وتبقى بأيديكم أموالكم ، ولا تخرجون من دياركم» ، فرفضوا ذلك مطلقا ، وقالوا : «لا نفارق التوراة وعهد موسى!» .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق