حصار بني النضير :
.
أمر النبي ص في تلك الليلة بقتل كعب بن الأشرف ، قبل أن يقوم ضدّهم بأي إجراء وانتدب لذلك أبا نائلة ، فقتل في صبيحة تلك الليلة . ثم أرسل محمد بن مسلمة الأنصاري إلى يهود بني النضير ، ليقول : «إن رسول الله أرسلني إليكم : أن اخرجوا من بلده ، وإما أن تأذنوا بحرب" .
فوافقوا على ذلك ، ومكثوا أياما يتجهزون ، فبينما هم على ذلك إذ جاءهم رسول عبد الله بن أبي بن أبي سلول ، ورفض الخروج ، فانقلبت الأمور . فأبي حيي بن أخطب إلا محاربة رسول الله ، وأرسل أخاه جديا ، يقول لرسول الله : «إنا لا نبرح من دارنا وأموالنا ؛ فاصنع ما أنت صانع» ، وأرسله أيضا إلى ابن أبي بتعجيل ما وعد من النصر .
فلما وصل جدي إلى رسول الله وأخبره قرارهم ، أظهر رسول الله التكبير ، وقال : «الله أكبر ، حاربت يهود» ، وكبر المسلمون بتكبيره ، وهكذا ، بدلاً من الوجوم والارتباك في
الموقف ، والذي كان ينتظره اليهود من المسلمين ، كان التكبير إعلانا حماسيًا لموقف شديد من اليهود ، وبسرعة غير متوقعة، ممّا أربكهم هم وأوقعهم في الحيرة ، وزعزع ثباتهم .
ونادى منادي رسول الله يأمر أصحابه بالمسير إلى بني النضير ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، وكان ذلك في السنة الثالثة من الهجرة النبوية ، قبل أحد ، صبيحة قتل كعب بن الأشرف .
وأصبح رسول الله غاديًا عليهم بالكتائب ، وكانوا في قرية يقال لها «زهرة» ، فوجدهم ينوحون على كعب ، فقالوا : يا محمد ، واعية إثر واعية؟!» ، ثم حشدوا للحرب .
وهكذا ، أصبح بنو النضير وحدهم بعد أن اختار يهود بني قريظة المحافظة على عهدهم مع النبي . وكان النبي ص قد اختار أن يعامل بني النضير كما عامل بني قينقاع ، أي إخراجهم من المدينة . وقد سلك بذلك طريقا وسطا ، ولم يكن حادا في موقفه منهم ، وإن كانوا ينتظرون منه الحرب والقتال والإبادة جزاء نقضهم العهود ، ولكن علاقاتهم المتشابكة في المدينة وأثرهم البليغ في نفوس كثير من الناس ، جعلا النبي ص يختار عدم القتل والإبادة خشية من أن يترك ذلك أثرا سلبيا في نفوس الناس وصورة للإسلام تقترن بالقتل والقسوة وسفك الدماء . ولكن عندما رفضوا الخروج سلمّا اضطرّ إلى
الضغط عليهم عسكريًا من أجل تنفيذ ذلك .
وقد سار إليهم بعد العصر ، وكانت الراية بيد علي بن أبي طالب ع ، مما زاد في رعب اليهود وزرع الخوف في نفوسهم .
واستمر حصار بني النضير واحدا وعشرين يوما ، وقرر رسول الله ص ، بعد أن أبوا النزول على شروطه ، تشديد الحصار عليهم ، وحاصرهم خمسة عشر يوما ، ومرة أخرى انتصرت
إرادة خاتم النبيين ، وفشل اليهود ، فاقترحوا على خاتم النبيين الحل الذي كان هو قد طرحه عليهم أولا ورفضوه ، وقالوا : «كما كنت تريد ، نخرج ولنا ما حملت الإبل» - وهنا ، رفض رسول الله القبول بما كان هو قد طرحه أولا ، لأن الموازين قد تغيرت فهم خسروا جولة جديدة ، وعليهم أن يتنازلوا بما يساوي هذه الخسارة الجديدة . فكان الاقتراح بأن يحملوا النساء والصبيان فقط ، فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام ، وغير ذلك .
.
نتائج المعركة :
خرج بنو النضير من المدينة المنورة ، من دون قتال . فإن أرض بني النضير لم تفتح عنوة بالعمل الحربي المعروف ، فأفاء الله أراضيهم على رسوله ، وسوّغه أموالهم ، فأصبحت خاصّة برسول الله يضعها كيف يشاء كما أراد الله تعالى ، فجمع رسول الله الأنصار ، واقترح عليهم أن يعطي المهاجرين ما غنمه من بني النضير ، فيخرج المهاجرون من مساكنهم وأموالهم ، فقبل الأنصار بذلك ، وقسم تلك الغنائم بين المهاجرين ، وأعطى ثلاثة من الأنصار فقط لفقرهم .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
.
أمر النبي ص في تلك الليلة بقتل كعب بن الأشرف ، قبل أن يقوم ضدّهم بأي إجراء وانتدب لذلك أبا نائلة ، فقتل في صبيحة تلك الليلة . ثم أرسل محمد بن مسلمة الأنصاري إلى يهود بني النضير ، ليقول : «إن رسول الله أرسلني إليكم : أن اخرجوا من بلده ، وإما أن تأذنوا بحرب" .
فوافقوا على ذلك ، ومكثوا أياما يتجهزون ، فبينما هم على ذلك إذ جاءهم رسول عبد الله بن أبي بن أبي سلول ، ورفض الخروج ، فانقلبت الأمور . فأبي حيي بن أخطب إلا محاربة رسول الله ، وأرسل أخاه جديا ، يقول لرسول الله : «إنا لا نبرح من دارنا وأموالنا ؛ فاصنع ما أنت صانع» ، وأرسله أيضا إلى ابن أبي بتعجيل ما وعد من النصر .
فلما وصل جدي إلى رسول الله وأخبره قرارهم ، أظهر رسول الله التكبير ، وقال : «الله أكبر ، حاربت يهود» ، وكبر المسلمون بتكبيره ، وهكذا ، بدلاً من الوجوم والارتباك في
الموقف ، والذي كان ينتظره اليهود من المسلمين ، كان التكبير إعلانا حماسيًا لموقف شديد من اليهود ، وبسرعة غير متوقعة، ممّا أربكهم هم وأوقعهم في الحيرة ، وزعزع ثباتهم .
ونادى منادي رسول الله يأمر أصحابه بالمسير إلى بني النضير ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، وكان ذلك في السنة الثالثة من الهجرة النبوية ، قبل أحد ، صبيحة قتل كعب بن الأشرف .
وأصبح رسول الله غاديًا عليهم بالكتائب ، وكانوا في قرية يقال لها «زهرة» ، فوجدهم ينوحون على كعب ، فقالوا : يا محمد ، واعية إثر واعية؟!» ، ثم حشدوا للحرب .
وهكذا ، أصبح بنو النضير وحدهم بعد أن اختار يهود بني قريظة المحافظة على عهدهم مع النبي . وكان النبي ص قد اختار أن يعامل بني النضير كما عامل بني قينقاع ، أي إخراجهم من المدينة . وقد سلك بذلك طريقا وسطا ، ولم يكن حادا في موقفه منهم ، وإن كانوا ينتظرون منه الحرب والقتال والإبادة جزاء نقضهم العهود ، ولكن علاقاتهم المتشابكة في المدينة وأثرهم البليغ في نفوس كثير من الناس ، جعلا النبي ص يختار عدم القتل والإبادة خشية من أن يترك ذلك أثرا سلبيا في نفوس الناس وصورة للإسلام تقترن بالقتل والقسوة وسفك الدماء . ولكن عندما رفضوا الخروج سلمّا اضطرّ إلى
الضغط عليهم عسكريًا من أجل تنفيذ ذلك .
وقد سار إليهم بعد العصر ، وكانت الراية بيد علي بن أبي طالب ع ، مما زاد في رعب اليهود وزرع الخوف في نفوسهم .
واستمر حصار بني النضير واحدا وعشرين يوما ، وقرر رسول الله ص ، بعد أن أبوا النزول على شروطه ، تشديد الحصار عليهم ، وحاصرهم خمسة عشر يوما ، ومرة أخرى انتصرت
إرادة خاتم النبيين ، وفشل اليهود ، فاقترحوا على خاتم النبيين الحل الذي كان هو قد طرحه عليهم أولا ورفضوه ، وقالوا : «كما كنت تريد ، نخرج ولنا ما حملت الإبل» - وهنا ، رفض رسول الله القبول بما كان هو قد طرحه أولا ، لأن الموازين قد تغيرت فهم خسروا جولة جديدة ، وعليهم أن يتنازلوا بما يساوي هذه الخسارة الجديدة . فكان الاقتراح بأن يحملوا النساء والصبيان فقط ، فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من سار إلى الشام ، وغير ذلك .
.
نتائج المعركة :
خرج بنو النضير من المدينة المنورة ، من دون قتال . فإن أرض بني النضير لم تفتح عنوة بالعمل الحربي المعروف ، فأفاء الله أراضيهم على رسوله ، وسوّغه أموالهم ، فأصبحت خاصّة برسول الله يضعها كيف يشاء كما أراد الله تعالى ، فجمع رسول الله الأنصار ، واقترح عليهم أن يعطي المهاجرين ما غنمه من بني النضير ، فيخرج المهاجرون من مساكنهم وأموالهم ، فقبل الأنصار بذلك ، وقسم تلك الغنائم بين المهاجرين ، وأعطى ثلاثة من الأنصار فقط لفقرهم .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق