استعدادات المسلمين لمعركة أحد :
.
1. أخبار قريش عند رسول الله :
كان نفرّ من خزاعة حلفاء عبد المطلب ، فيهم عمرو بن سالم ، قد سروا من مكة أربعا ، فوافوا قريشا ، وعسكروا بذي طوى ، فلمّا وصلوا المدينة أخبروا رسول الله ص الخبر ثم انصرفوا ، فلقوا قريشا ببطن رابغ على أربع مرّوا بهم راجعين إلى مكة . فقال أبو سفيان : «أحلف بالله ، إنّهم جاؤوا محمدًا فأخبروه بمسيرنا وعددنا ، وحذروه منّا ، فهم الآن يلزمون صياصيهم » .
وسمع بهم رسول الله أنهم نزلوا حيث نزلوا ، وأرسل بعض العيون لمراقبتهم ، وأرسل أيضا الحباب بن المنذر سرًا ، وقال له : «إذا رجعت فلا تخبرني بين أحد من المسلمين ، إلا أن ترى في القوم قلة» . فرجع إليه فأخبره خاليًا ، وأمره الرسول ص بالكتمان ؛ كي لا يعرف المسلمون بعددهم وعدّتهم خوفا من هبوط معنوياتهم ، ولكن الخبر فشا بعدتهم وعددهم ، ووقعت الأراجيف في المدينة .
.
2. النبي ص يستشير أصحابه :
بث النبي ص الحرس حول المدينة وحول المسجد ، وجمع أصحابه للتشاور في الأمر ، وأخبرهم أنّ قريشا قد تجمعت تريد المدينة ، وكان رأيه أن لا يخرج من المدينة وأن يقاتل الرجال على أفوه السكك ، ويرمي الضعفاء من فوق البيوت ، واستشار أصحابه وكان يحب أن يوافقوه على مثل ما رأى وعبر عن ذلك برؤيا رآها .
فقد كان المشركون يمتلكون قوة اقتحام ضاربة ، وهي المئات من الفرسان الذين يستطيعون تشتيت أي قوّة للمشاة مهما كان عددها لو كانت المواجهة في البادية والصحراء ، بخلاف ما لو كان القتال في أزقة المدينة ، فسوف تخسر قريش قوتها ، ويضطر الفرسان إلى الترجل وخوض القتال مشاة .
وأما ابن أبي والمنافقون فما كانوا ليجرؤوا أن يخونوا قومهم ، ويعرّضوا أبناءهم وإخوانهم للقتل ، بل سيجد الجميع أنفسهم مضطرين للقتال . لذلك كله ، كان النبي يرجح البقاء داخل المدينة ويكره الخروج ، وهذا ما وافق عليه عبد الله بن أبي ، كذلك كان ذلك رأي بعض أصحاب رسول الله ص . ولكن الجو العام الذي سيطر على اجتماع المشاورة كان يشد باتجاه آخر ، وهو اتجاه الخروج من المدينة ، وكان يمثله كثير من الصحابة ممن لم يشهد بدرًا وطائفة من الشباب المتحمسين الذين ذاقوا حلاوة النصر في بدر ، واحتجوا لذلك بان إقامتهم في المدينة ستجعل عدوهم يظن فيهم الجبن ، فيجرؤ عليهم .
فنزل خاتم النبيين به على رأي غالبية الناس ، وكانت روح الطاعة والانضباط والولاية لله ورسوله ما زالت في أوائل تكوينها في نفوسهم ، فخشي رسول الله أن يوجه إليهم
أمرا صارمًا بالبقاء في المدينة ، فينعكس ذلك سلبا عليهم .
.
3. الخروج من المدينة المنورة :
بعد اتخاذ قرار الخروج من المدينة ، صلى خاتم النبيين ص الجمعة بالناس ، ثم وعظهم ، وأمرهم بالجد والجهاد ، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا . وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ، ففرح الناس بذلك ، وكرهه كثير من أصحابه ممن رغب بالصمود فيها ، وحضر الرجال وقد لبسوا السلاح لصلاة العصر فصلى بهم رسول الله ، ثم دخل بيته ، واصطف له الناس ما بين حجرته إلى منبره ينتظرون خروجه .
وفي خطوة مفاجئة ، قدم الناس على استكرامهم لرسول الله ، فكلموه بذلك ، فقال : دعوتكم إلى هذا فأبيتم ، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه . انظروا ما آمركم به فاتبعوه ، امضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم» .
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ثمّ أعطى اللواء لعلي بن أبي طالب ع .
.
4. الثبات وعدم التردد :
لمّا صار رسول الله على الطريق ، قال له بعض المترددين : «نرجع ؟» . فقال خاتم النبيين ص : «ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم» . وكانوا ألف رجل ، فلمّا كانوا في بعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي بن أبي سلول ، شيخ المنافقين ، بثلث الناس ، وقال : «والله ، ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه!» . فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب . وقد ترك ذلك أثراً معنويا سيئا في نفوس المسلمين ، حتى أن بعضهم هم بالانسحاب أيضا كبني حارثة وبني سلمة ، ولكنهم عادوا قبل فوات الأوان .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
.
1. أخبار قريش عند رسول الله :
كان نفرّ من خزاعة حلفاء عبد المطلب ، فيهم عمرو بن سالم ، قد سروا من مكة أربعا ، فوافوا قريشا ، وعسكروا بذي طوى ، فلمّا وصلوا المدينة أخبروا رسول الله ص الخبر ثم انصرفوا ، فلقوا قريشا ببطن رابغ على أربع مرّوا بهم راجعين إلى مكة . فقال أبو سفيان : «أحلف بالله ، إنّهم جاؤوا محمدًا فأخبروه بمسيرنا وعددنا ، وحذروه منّا ، فهم الآن يلزمون صياصيهم » .
وسمع بهم رسول الله أنهم نزلوا حيث نزلوا ، وأرسل بعض العيون لمراقبتهم ، وأرسل أيضا الحباب بن المنذر سرًا ، وقال له : «إذا رجعت فلا تخبرني بين أحد من المسلمين ، إلا أن ترى في القوم قلة» . فرجع إليه فأخبره خاليًا ، وأمره الرسول ص بالكتمان ؛ كي لا يعرف المسلمون بعددهم وعدّتهم خوفا من هبوط معنوياتهم ، ولكن الخبر فشا بعدتهم وعددهم ، ووقعت الأراجيف في المدينة .
.
2. النبي ص يستشير أصحابه :
بث النبي ص الحرس حول المدينة وحول المسجد ، وجمع أصحابه للتشاور في الأمر ، وأخبرهم أنّ قريشا قد تجمعت تريد المدينة ، وكان رأيه أن لا يخرج من المدينة وأن يقاتل الرجال على أفوه السكك ، ويرمي الضعفاء من فوق البيوت ، واستشار أصحابه وكان يحب أن يوافقوه على مثل ما رأى وعبر عن ذلك برؤيا رآها .
فقد كان المشركون يمتلكون قوة اقتحام ضاربة ، وهي المئات من الفرسان الذين يستطيعون تشتيت أي قوّة للمشاة مهما كان عددها لو كانت المواجهة في البادية والصحراء ، بخلاف ما لو كان القتال في أزقة المدينة ، فسوف تخسر قريش قوتها ، ويضطر الفرسان إلى الترجل وخوض القتال مشاة .
وأما ابن أبي والمنافقون فما كانوا ليجرؤوا أن يخونوا قومهم ، ويعرّضوا أبناءهم وإخوانهم للقتل ، بل سيجد الجميع أنفسهم مضطرين للقتال . لذلك كله ، كان النبي يرجح البقاء داخل المدينة ويكره الخروج ، وهذا ما وافق عليه عبد الله بن أبي ، كذلك كان ذلك رأي بعض أصحاب رسول الله ص . ولكن الجو العام الذي سيطر على اجتماع المشاورة كان يشد باتجاه آخر ، وهو اتجاه الخروج من المدينة ، وكان يمثله كثير من الصحابة ممن لم يشهد بدرًا وطائفة من الشباب المتحمسين الذين ذاقوا حلاوة النصر في بدر ، واحتجوا لذلك بان إقامتهم في المدينة ستجعل عدوهم يظن فيهم الجبن ، فيجرؤ عليهم .
فنزل خاتم النبيين به على رأي غالبية الناس ، وكانت روح الطاعة والانضباط والولاية لله ورسوله ما زالت في أوائل تكوينها في نفوسهم ، فخشي رسول الله أن يوجه إليهم
أمرا صارمًا بالبقاء في المدينة ، فينعكس ذلك سلبا عليهم .
.
3. الخروج من المدينة المنورة :
بعد اتخاذ قرار الخروج من المدينة ، صلى خاتم النبيين ص الجمعة بالناس ، ثم وعظهم ، وأمرهم بالجد والجهاد ، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا . وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ، ففرح الناس بذلك ، وكرهه كثير من أصحابه ممن رغب بالصمود فيها ، وحضر الرجال وقد لبسوا السلاح لصلاة العصر فصلى بهم رسول الله ، ثم دخل بيته ، واصطف له الناس ما بين حجرته إلى منبره ينتظرون خروجه .
وفي خطوة مفاجئة ، قدم الناس على استكرامهم لرسول الله ، فكلموه بذلك ، فقال : دعوتكم إلى هذا فأبيتم ، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه . انظروا ما آمركم به فاتبعوه ، امضوا على اسم الله فلكم النصر ما صبرتم» .
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ثمّ أعطى اللواء لعلي بن أبي طالب ع .
.
4. الثبات وعدم التردد :
لمّا صار رسول الله على الطريق ، قال له بعض المترددين : «نرجع ؟» . فقال خاتم النبيين ص : «ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم» . وكانوا ألف رجل ، فلمّا كانوا في بعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي بن أبي سلول ، شيخ المنافقين ، بثلث الناس ، وقال : «والله ، ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه!» . فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب . وقد ترك ذلك أثراً معنويا سيئا في نفوس المسلمين ، حتى أن بعضهم هم بالانسحاب أيضا كبني حارثة وبني سلمة ، ولكنهم عادوا قبل فوات الأوان .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق