المواجهة بين المسلمين والمشركين - معركة أحد :
وفي معركة أحد سنة ثلاث من الهجرة ، يوم السبت ، للنصف ، أو لسبع خلون من شوال ، وإليك تفاصيل المعركة :
.
1. تقسيم القوات المقاتلة :
.
أ. جيش المشركين :
قسم أبو سفيان المشركين إلى ثلاث مجموعات : قريش في الوسط وهي ثلاثة آلاف رجل من المشاة ، وعلى الميمنة مئتا فارس بقيادة خالد بن الوليد كمينا . وقال لهم أبو سفيان : «إذا رأيتمونا اختلطنا بهم ، فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم ، وعلى الميسرة ، عكرمة بن أبي جهل . وكانت خطة المشركين تعتمد على استدراج المسلمين لكي يبتعدوا عن الجبل ، ويتقدموا إلى وسط ميدان المعركة ، ثم تقوم الخيّالة بالالتفاف بسرعة وراء المسلمين ، لوضعهم بين مطرقة الفرسان وسندان المشاة .
.
ب. الجيش الإسلامي :
أمّا الخطة النبويّة فكانت دفاعيّة إستراتيجيّة . فلما وصل إلى منطقة القتال ، اختار أن ينزل إلى جانب أحد ؛ بحيث يكون ظهرهم إلى الجبل ، فيكون الجبل ملاذا مفترضا للانسحاب ، كذلك كان الجبل مانعا قويًا وصعبا يحد من قدرة فرسان المشركين على تحقيق حركة تطويق للمسلمين . ثم انتقل خاتم النبيين إلى الجنبة التكتيكية ، وكان على يسار المسلمين جبل ، فيه ثغرة ، فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة المهرة في إصابة الهدف ، عليهم عبد الله بن جبير ، وأوصاه وأصحابه أن يردوا الخيل عنهم ، لا يأتوهم من خلفهم ، وقال لهم : «إن كانت لنا أو علينا ، فاثبتوا مكانكم لا نؤتين من قبلكم ، إن رأيتمونا تخطفنا الطير ، قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة ؛ فلا تبرحوا من مكانكم هذا ولا تعينونا ، ولا تدفعوا عنا ، وإن قتلنا عن آخرنا ، وارشقوا خيلهم بالنبل ، فإنّ الخيل لا تقدم على النبل . والزموا مراكزكم حتى أرسل إليكم ، فإنّما نؤتي من موضعكم هذا اللهم إني أشهدك عليهم . وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم حتى أدخلناهم مكة ، فلا تبرحوا هذا المكان حتى أرسل إليكم . اتقوا الله ، واصبروا" .
.
2. القتال والاشتباك :
.
. الجولة الأولى : انتصار الإسلام وهزيمة الشرك :
.
كانت ألوية قريش في بني عبد الدار ، وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار ، فبرز . عندها أرسل رسول الله ص علي ع ، وأمره ص بالتقدم . فتقدم
علي وبرز إليه ، وقتله . وهكذا كلما حمل اللواء مشرك ، انقض عليه علي ع وقتله ، وبقي لواؤهم مطروحا على الأرض ، حتى أخذته إحدى نسائهم ، وانهزم القوم ، وكان عدد أصحاب اللواء الذين قتلوا أحد عشر رجلا" .
ولما قتل علي بن أبي طالب ع أصحاب اللواء . انتكست راية المشركين ، وصاروا كتائب متفرقة ، ومن جهة أخرى ، صمد الرماة أصحاب الثغرة ، وردّوا محاولات الالتفاف من الخلف التي كان يحاول القيام بها خالد بن الوليد . واقتتل الناس قتالا شديدا ، و أمن المسلمون في صفوف المشركين ، فجعلوا يضربون وجوههم حتي انتقضت صفوفهم وأبعدوهم عن معسكرهم ، ولم يبق في وسط ساحة المعركة إلا نساء قريش اللواتي كن يولولن منهزمات ، وقد أنصرف المسلمون عنهن ، ولو شاؤوا أسرهن لفعلوا ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وأخذ المقاتلون المسلمون ينتبهون ما تركه المشركون ، وأكبوا
على الغنائم ، وأنزل الله نصره على المسلمين .
.
ب. الجولة الثانية : خسارة الانتصار :
لمّا رأى الرماة المقاتلين المسلمين يغنمون ، قرر بعضهم النزول عن الجبل ، فخطبهم أميرهم عبد الله جبير ، وأمرهم بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن لا يخالفوا أمر رسول الله ، فتركوا أمره وعصوه ، وأقبلوا على الغنائم حتى لم يبق منهم معه إلا نفير ما يبلغون العشرة ، فنظر ضرار بن الخطاب الفهري إلى الجبل الذي يتواجد عليه المقاتلون الرماة ، فوجده خاليا منهم ، فقال لخالد : «انظر وراء !» . فلمّا رأى خالد بن الوليد ذلك ، أمر بالتحرك ، وانضم إليه عكرمة من جهة ميمنة المسلمين ، فانتهوا إلى الجبل، ولم يجدوا عليه القوة التي تستطيع صدهم ، فحملوا عليهم ، وقتلوهم . ثم دخلت خيل المشركين على قوم غارين آمنين ينتهبون ، فأقحموا الخيل عليهم ؛ وتطايروا في كل وجه ، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا ، وتفرق المسلمون في كل وجه ، وخلوا أسرى المشركين .
رأت قريش المنهزمة عودة رجالها إلى الحرب ، ورفعت عمرة بنت علقمة الحارثية لواء هم ، فتراجعت قريش إلى لوائها وعادوا إلى الحرب من جديد .
وبعد تراجع المسلمين من ساحة المعركة ، لم يثبت في أرض المعركة إلا رسول الله ص ، والإمام علي ع وحده ، يدفع عن النبي ، ولكن خلص العدو إلى رسول الله ، وكثر المشركون على النبي ص .
فقال جبريل : «يا محمّد ، إنّ هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!» . فقال ص : «وما يمنعه ، وهو مني وأنا منه؟!» . فقال جبريل : «وأنا منكما» .
ثم سمع مناديًا من السماء ، فقال النبي ص لعلي ع : «أما تسمع يا علي مديحك في السماء ، إن ملكا ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى الا عليه . فبكى علي ع سرورا ، وحمد الله سبحانه على نعمته .
ورأى المسلمون ثبات رسول الله ، والإمام علي ع ، فبدأ بعضهم بالرجوع إلى أرض المعركة ، زرافات ووحدانا ، إلى أن تكاثروا ، وأصبحوا ثلاثين تقريبا ، فأحاطوا بالنبي ص ، واستطاعوا الوصول به إلى فم الشعب . فعاد النبي ص ينظمهم ، وأرجعهم إلى مراكزهم الأولى ومواقعهم التي كان قد عيّنها لهم قبل المعركة ص ، وعاد بقيّة من كانوا في السفح ، ولكن الذين كانوا على الجبل فوق الصخرة ، لم يعودوا ، أو أكثرهم ، إلى القتال، ولا تركوا مركزهم ، إلا بعد انتهاء المعركة وتوقف القتال . وتحاجز الفريقان ، وقنع المشركون بما وصلوا إليه من قتل من قتلوه في الحرب ، وأملوا يوما ثانيًا يكون لهم فيه الظفر بالنبي ص .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
وفي معركة أحد سنة ثلاث من الهجرة ، يوم السبت ، للنصف ، أو لسبع خلون من شوال ، وإليك تفاصيل المعركة :
.
1. تقسيم القوات المقاتلة :
.
أ. جيش المشركين :
قسم أبو سفيان المشركين إلى ثلاث مجموعات : قريش في الوسط وهي ثلاثة آلاف رجل من المشاة ، وعلى الميمنة مئتا فارس بقيادة خالد بن الوليد كمينا . وقال لهم أبو سفيان : «إذا رأيتمونا اختلطنا بهم ، فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم ، وعلى الميسرة ، عكرمة بن أبي جهل . وكانت خطة المشركين تعتمد على استدراج المسلمين لكي يبتعدوا عن الجبل ، ويتقدموا إلى وسط ميدان المعركة ، ثم تقوم الخيّالة بالالتفاف بسرعة وراء المسلمين ، لوضعهم بين مطرقة الفرسان وسندان المشاة .
.
ب. الجيش الإسلامي :
أمّا الخطة النبويّة فكانت دفاعيّة إستراتيجيّة . فلما وصل إلى منطقة القتال ، اختار أن ينزل إلى جانب أحد ؛ بحيث يكون ظهرهم إلى الجبل ، فيكون الجبل ملاذا مفترضا للانسحاب ، كذلك كان الجبل مانعا قويًا وصعبا يحد من قدرة فرسان المشركين على تحقيق حركة تطويق للمسلمين . ثم انتقل خاتم النبيين إلى الجنبة التكتيكية ، وكان على يسار المسلمين جبل ، فيه ثغرة ، فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة المهرة في إصابة الهدف ، عليهم عبد الله بن جبير ، وأوصاه وأصحابه أن يردوا الخيل عنهم ، لا يأتوهم من خلفهم ، وقال لهم : «إن كانت لنا أو علينا ، فاثبتوا مكانكم لا نؤتين من قبلكم ، إن رأيتمونا تخطفنا الطير ، قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة ؛ فلا تبرحوا من مكانكم هذا ولا تعينونا ، ولا تدفعوا عنا ، وإن قتلنا عن آخرنا ، وارشقوا خيلهم بالنبل ، فإنّ الخيل لا تقدم على النبل . والزموا مراكزكم حتى أرسل إليكم ، فإنّما نؤتي من موضعكم هذا اللهم إني أشهدك عليهم . وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم حتى أدخلناهم مكة ، فلا تبرحوا هذا المكان حتى أرسل إليكم . اتقوا الله ، واصبروا" .
.
2. القتال والاشتباك :
.
. الجولة الأولى : انتصار الإسلام وهزيمة الشرك :
.
كانت ألوية قريش في بني عبد الدار ، وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار ، فبرز . عندها أرسل رسول الله ص علي ع ، وأمره ص بالتقدم . فتقدم
علي وبرز إليه ، وقتله . وهكذا كلما حمل اللواء مشرك ، انقض عليه علي ع وقتله ، وبقي لواؤهم مطروحا على الأرض ، حتى أخذته إحدى نسائهم ، وانهزم القوم ، وكان عدد أصحاب اللواء الذين قتلوا أحد عشر رجلا" .
ولما قتل علي بن أبي طالب ع أصحاب اللواء . انتكست راية المشركين ، وصاروا كتائب متفرقة ، ومن جهة أخرى ، صمد الرماة أصحاب الثغرة ، وردّوا محاولات الالتفاف من الخلف التي كان يحاول القيام بها خالد بن الوليد . واقتتل الناس قتالا شديدا ، و أمن المسلمون في صفوف المشركين ، فجعلوا يضربون وجوههم حتي انتقضت صفوفهم وأبعدوهم عن معسكرهم ، ولم يبق في وسط ساحة المعركة إلا نساء قريش اللواتي كن يولولن منهزمات ، وقد أنصرف المسلمون عنهن ، ولو شاؤوا أسرهن لفعلوا ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وأخذ المقاتلون المسلمون ينتبهون ما تركه المشركون ، وأكبوا
على الغنائم ، وأنزل الله نصره على المسلمين .
.
ب. الجولة الثانية : خسارة الانتصار :
لمّا رأى الرماة المقاتلين المسلمين يغنمون ، قرر بعضهم النزول عن الجبل ، فخطبهم أميرهم عبد الله جبير ، وأمرهم بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن لا يخالفوا أمر رسول الله ، فتركوا أمره وعصوه ، وأقبلوا على الغنائم حتى لم يبق منهم معه إلا نفير ما يبلغون العشرة ، فنظر ضرار بن الخطاب الفهري إلى الجبل الذي يتواجد عليه المقاتلون الرماة ، فوجده خاليا منهم ، فقال لخالد : «انظر وراء !» . فلمّا رأى خالد بن الوليد ذلك ، أمر بالتحرك ، وانضم إليه عكرمة من جهة ميمنة المسلمين ، فانتهوا إلى الجبل، ولم يجدوا عليه القوة التي تستطيع صدهم ، فحملوا عليهم ، وقتلوهم . ثم دخلت خيل المشركين على قوم غارين آمنين ينتهبون ، فأقحموا الخيل عليهم ؛ وتطايروا في كل وجه ، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا ، وتفرق المسلمون في كل وجه ، وخلوا أسرى المشركين .
رأت قريش المنهزمة عودة رجالها إلى الحرب ، ورفعت عمرة بنت علقمة الحارثية لواء هم ، فتراجعت قريش إلى لوائها وعادوا إلى الحرب من جديد .
وبعد تراجع المسلمين من ساحة المعركة ، لم يثبت في أرض المعركة إلا رسول الله ص ، والإمام علي ع وحده ، يدفع عن النبي ، ولكن خلص العدو إلى رسول الله ، وكثر المشركون على النبي ص .
فقال جبريل : «يا محمّد ، إنّ هذه المواساة، لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!» . فقال ص : «وما يمنعه ، وهو مني وأنا منه؟!» . فقال جبريل : «وأنا منكما» .
ثم سمع مناديًا من السماء ، فقال النبي ص لعلي ع : «أما تسمع يا علي مديحك في السماء ، إن ملكا ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى الا عليه . فبكى علي ع سرورا ، وحمد الله سبحانه على نعمته .
ورأى المسلمون ثبات رسول الله ، والإمام علي ع ، فبدأ بعضهم بالرجوع إلى أرض المعركة ، زرافات ووحدانا ، إلى أن تكاثروا ، وأصبحوا ثلاثين تقريبا ، فأحاطوا بالنبي ص ، واستطاعوا الوصول به إلى فم الشعب . فعاد النبي ص ينظمهم ، وأرجعهم إلى مراكزهم الأولى ومواقعهم التي كان قد عيّنها لهم قبل المعركة ص ، وعاد بقيّة من كانوا في السفح ، ولكن الذين كانوا على الجبل فوق الصخرة ، لم يعودوا ، أو أكثرهم ، إلى القتال، ولا تركوا مركزهم ، إلا بعد انتهاء المعركة وتوقف القتال . وتحاجز الفريقان ، وقنع المشركون بما وصلوا إليه من قتل من قتلوه في الحرب ، وأملوا يوما ثانيًا يكون لهم فيه الظفر بالنبي ص .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق