السبت، 9 مايو 2020

نتائج معركة أحد وآثارهانتائج معركة أحد وآثارها

نتائج معركة أحد وآثارها :
.
1، الخسائر البشرية :
انتهت معركة أحد بسبعين شهيدا من المسلمين ، وهذا ما وعدهم به النبي ص حين فداء الأسرى بعد واقعة بدر ، ومثل نساء المشركين في جثث شهداء المسلمين .
وأما خسائر المشركين فقد بقيت مجهولة ، إلا أن المتيقن أن عليا والحمزة قد قتلا منهم مقتلة عظيمة بلغت على ما يقولون قرابة الخمسين رجلا .

2. الآثار المعنوية والروحية :
يمكن التوقف عند مجموعة من الدروس والعبر التي نستخلصها مما حدث مع جيش المسلمين في معركة أحد ، وكان لها آثار سلبية على المستويين المعنوي والروحي :
.
أ. عدم إطاعة أوامر القيادة : إن القوة التي كانت بقيادة عبد الله بن جبير لم تطع أوامر القيادة ، وتركت مواقعها ، ممّا سبب هجوم العدو بسرعة على المسلمين من الخلف ، فإن السبب الأول لما لحق بالنبي ص وللهزيمة التي لحقت بالمسلمين ، وما جرى عليهم من النكبات ، والقتل الذريع ، حتى لقد قتل منهم سبعون ، وجُرح أعداد هائلة هو أنهم عصوا أمر الرسول الذي كان صريحا معهم في أن لا يتركوا مراكزهم ، حتى يرسل إليهم .
.
ب. الاغترار بالنفس : كان لاغترارهم بأنفسهم ، وبكثرتهم ، أثر كبير في حلول الهزيمة بهم ، والاغترار بالكثرة يفقد العناصر المشاركة شعور الاعتماد على النفس ، ويجعلهم يعيشون روح التواكل ، واللامسؤولية . فقد قالوا للنبي ص : قد كنت في بدر في ثلاثمئة رجل ، فأظفرك الله بهم ، ونحن اليوم بشر كثير ، نتمنى هذا اليوم ، وندعو الله له ، وقد ساقه الله إلى ساحتنا هذه .
.
ج. الطمع في الدنيا : إنهم لما شاهدوا من مكان استقرارهم أن المسلمين يجمعون الغنائم ، وبسبب طمعهم بالحياة الدنيا ، خافوا أن يفوتوا شيئا منها ، فتركوا مواقعهم ، ممّا هيّا لاختراق العدو لثغورهم الخلفيّة ومباغتتهم . فكان لا بد في هذه الحالة من إعادة التمحيص لهم ، وابتلاتهم ، ليرجعوا إلى الله تعالى ، وليميز الله المؤمن من المنافق ، وليزداد الذين آمنوا إيمانا ؛ لأن الإنسان ربما يغفل عن حقيقة العنايات الإلهية ، والإمدادات الغيبية ، حين يرى الانتصارات تتوالى ، فينسب ذلك إلى قدرته الشخصية . ولأجل ذلك ، نجد أنهم حين غلبوا
شكوا في هذا الأمر ، وقالوا : «هل لنا من الأمر شيء»؟ فجاءهم الجواب القاطع «قل : إنّ الأمر لله» . نعم ، لا بدّ إذا من إعادتهم إلى الله تعالى ، وتعريفهم بحقيقة إمكاناتهم ، وقدراتهم .
د. عدم الانضباط : الانضباط أساس النجاح ، خصوصا حينما يكون القائد نبيًا حكيما ، ولربما تكون مخالفة أفراد معدودين سببا في دمار جيش بكامله ، كما كان الحال في قضيّة أحد .
ه. الجبن والخور : وعدم الشجاعة في القتال ؛ لأن عناية الله تعالى ليست أمرا مطلقا غير مشروط ، فهي لا تعني إلغاء جميع الأسباب الطبيعية ، بل هي مشروطة قطعًا بالسعي نحو الهدف الأسمى ، وبالبذل والتضحيات التي تؤهل المقاتلين لأن يكونوا موضعا لعنايات الله والطافه : "يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" . ولذلك كان ينبغي لهم الثبات في مراكزهم ، والالتفاف حول قائدهم ، وعدم اللجوء
إلى القرار العشوائي الذي ربما كان هو السبب في تكبيدهم هذه الخسائر الفادحة ، وربما كان ثباتهم في وسط المعركة أقل خسارة . فلا بد ، لاستمرار العناية الإلهية ، من حفظ الحد الأدنى من الصبر ، وعدم الفرار والارتباط بالقيادة ، وتنفيذ أوامرها .
و. سوء الظن : إن الذين تركوا مراكزهم قد ظنوا أن رسول الله سيغل ، أي يخونهم ، فلا يقسم لهم . وهذا يدل على أن من بين هؤلاء من لم يكن على درجة حسنة من المعرفة والوعي ، ولربما الإيمان أيضا . ولو كان كذلك ، فلا أقل
من أن أخلاقياته وروحيّاته ، بما في ذلك الإعراض عن الدنيا والإيثار ، لم تكن بالمستوى المطلوب . ولعل الآية تشير إلى ظنهم السيئ هذا ، وتقرعهم عليه بأنه "وَمَا كَانَ لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمةً تُم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلَمُونَ" .
ز، طمع المسلمين في معركة بدر : عندما قرر الرسول ص في معركة بدر أن لا يأخذوا أسرى ، ثم خالفوه وأسروا من قريش ، ثم شرع النبي ص بقتل الأسرى ، طمع المسلمون بالفدية وطلبوا منه أن لا يقتلهم ، وأن يأخذ منهم الفدية .
وقد قبل الله تعالى هذا الطلب من المسلمين ، مع ما فيه من مخالفة لله وللرسول ، ولكنه رتب عليه آثارًا وضعيّة ، فنزل جبرائيل على رسول الله ص واشترط أنه إذا أخذتم الفدية من المشركين ، فإنه سوف يقتل منكم في العام القادم بعدد الأسرى الذين افتديتموهم ، وقبل المسلمون هذا الشرط ، وبسبب هذا القبول فقد قتل في أحد سبعون نفرّا وجرح مئة وخمسون .

3. الآثار العسكرية والأمنية :
لقد فرضت معركة أحد واقعا جديدًا على الظروف العسكريّة التي أحاطت بالمدينة .
فقد أظهرت النكسة الجزئية التي أصيب بها المسلمون في أحد ضعفا فيهم أطمع أعداءهم من قبائل العرب وأغراهم بغزوهم والاعتداء عليهم ، فأخذوا يعدون العدّة لذلك ، ما وضع النبي ص في حالة ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية ، والمبادرة إلى أعمال وقائيّة ، تمنع المشركين من تسديد ضربة جديدة للمسلمين ، وغزوهم في عقر دارهم ، ممّا سوف يؤدي أيضا إلى المزيد من إضعاف أمرهم ، وإطماع أعدائهم فيهم ، فاتخذ النبي ص قرارات خطيرة بالمبادرة إلى مبادأة أعداء الإسلام هؤلاء في عقر دارهم ، فإنّ ذلك أبعد للسمع ، وأنكى للعدو ، وأقوى لقلوب المسلمين .
وحتى إن استطاع النبي ص دفع بعض المخاطر بهجمات احترازية ؛ كالهجوم الاستباقي على بني أسد ، واغتيال زعيم بني لحيان ، واستئصال يهود بني النضير ، لكنه لم يستطع
تلافي الخسائر التي نجمت عن غدر الأعراب به وبالمسلمين في الرجيع ، وبئر معونة مستغلين الدوافع السامية عنده وعند أصحابه في الدعوة إلى الله على الرغم من المخاطر والمخاوف .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق