الخميس، 7 مايو 2020

رسول الله ص ومحاولة التهدئة

رسول الله ص ومحاولة التهدئة :
.
استقرّت قريش في منطقة من أرض بدر استعدادا للمواجهة ، وحيث إنهم لم يكونوا يعرفون شيئا عن عددهم ومبلغ استعداداتهم ، بعثوا عمر بن وهب الجمحي لينظر ذلك وكان فارسا شجاعا ، فجال بفرسه حتى طاف معسكر رسول الله ، ثم رجع إلى قريش وقال : وثلاثمئة رجل يزيدون أو ينقصون ، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين ، أو مدد . ثم رجع إلى قريش ، وقال لهم : «ما لهم مدد ولا كمين ، ولكن نواضح يثرب ، قد حملت الموت النافع ! » .
أوجدت كلماته ضجة كبرى بين رجال قريش وسادتها وزعمائها ، فبدأت تظهر قبل المعركة علامات هزيمة المشركين ، حيث رأوا المسلمين مستعدين لأن يقتل كل واحد منهم مشركا ، وهذا بحد ذاته مثير للرعب ، حتى ولو انتهت المعركة بقتل كل المسلمين .
كذلك أدى الصمت والسكوت في صفوف المسلمين بأمر من رسول الله ص إلى إضفاء جو من الرهبة على ساحة المعركة .
ثم طرح رسول الله ص مشروعه الديني والبناء والأخلاقي ، في أنه لا يريد الحرب ، ولا إذلال قريش ، وأنّ أقصى ما يريده أن يسمح لدعوته إلى الله أن تنتشر بين العرب ، وها هو يغري قريشا بأنه سوف يكون لها مكسب من انتصار دعوته ! أليس هو منها؟ فبعث الرسول ص إلى قريش من يقول لهم عنه : «يا معشر قريش ، ما من أحد من العرب أبغض إلي ممّن بدأ بكم ! خلوني والعرب ، فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا ، وإن أك كاذبًا كفتكم ذؤبان العرب أمري ، فارجعوا .
فأثرت دعوته في دفع الخائفين والمترددين من قريش نحو التراجع والانسحاب ، فقام عامر الحضرمي وكشف عن رأسه ، وأخذ يحثو التراب عليه ، وصاح مستغيثا : "واعامراه واعامراه" ، تحريكا للناس ، وإثارة لمشاعرهم .
ثم خرج من بين صفوف المشركين الأسود بن عبد الأسد المخزومي ، وقد أبصر الحوض الذي بناه المسلمون عند البئر لشربهم ، وشد حتى دنا منه ، فاستقبله الحمزة فشدّ عليه وقتله ، وقد تسببت هاتان الحادثتان في توتير الأجواء وشحنها باتجاه الحرب ، وفي أن يصبح القتال أمرًا حتميًا .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق