الثلاثاء، 14 أبريل 2020

زواج خاتم النبيين ص

زواج خاتم النبيين ص :
.
لقد كانت رحلة النبي في تجارته مع خديجة إحدى مقدمات الزواج الميمون ، ولكن لم يكن من السهل على خديجة أن تصارح النبي ص بذلك ، مع ما هي عليه من الشخصية المتينة ، والمكانة المحترمة بين نساء قريش . فبعثت صديقتها وصاحبة سرّها نفيسة بنت منية إليه ؛ لتبحث معه حول موضوع الزواج ، وتنظر رأيه في ذلك . فأجابها محمّد ص : «ليس عندي ما أتزوج به» . قالت : «فإن كفيت ذلك... ألا تجيب؟» . فأشارت عليه بخديجة بنت خويلد التي أرسلت معها أن تقول له: «إني قد رغبت فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك ، وأمانتك ، وحسن خلقك وصدق حديثك» . وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش نسبا، وأعظمهن شرفا ، وأكثرهن مالا ، كل شخص من قومها كان حريصا على خطبتها لو قدر على ذلك .
وقد تقدم رسول الله للزواج منها ، فخرج معه عمه أبو طالب ع من أهل بيته ونفر من قريش ، إلى عمها عمرو بن أسد ؛ لأن أباها خويلد بن أسد كان قد قتل في حرب الفجار ، وقيل إنه كان حيّا ، وإن أبا طالب دخل عليه ؛ فخطب ابنته لابن أخيه ، فوافق الأب ، وتم الزواج المبارك .
وقد خطب أبو طالب ، فقال : «الحمد لله رب هذا البيت الذي جعلنا من ذرية إبراهيم ، وزرع إسماعيل ، وضئضى معد ، وجعلنا حفظة بيته وسواس حرمه ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرمًا آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن ابن أخي هذا محمدًا بن عبد الله لا يوزن به رجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق ، وإن كان في المال قل ؛ فإنّ
المال رفت جار ، وظل زائل ، وأمر حائل ، ومحمد من عرفتم قرابته ، قد خطب خديجة بنت خويلد، والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله ، وهو ، والله ، بعد هذا له نبأ عظيم ، ودين شائع ، ورأي كامل ، وخطر جليل جسيم " .
ولكن خديجة عادت ، فضمنت المهر في مالها ، فقال بعض الناس : «يا عجبا ! المهر على النساء للرجال ؟!» ، فغضب أبو طالب ، وقال : «إذا كانوا مثل ابن أخي هذا ، طلبت الرجال بأغلى الأثمان ، وأعظم المهر ، وإن كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي» .
وقيل إن رسول الله ص نفسه قد أمهرها عشرين بكرة ولعل ذلك كان بواسطة أبي طالب .
وكان عمر السيدة خديجة ع خمسة وعشرين سنة ، وكانت لا تزال بكرا ، ولعلها بقيت كذلك لسؤددها وشرفها ؛ ولأنها لم تجد كفؤا لها في قريش حتى عرفت النبي ص .
ولو قارنا هذا الموقف للسيدة خديجة بنت خويلد بموقف أبناء جحش ، لوجدنا زينب وحمنة وأخاها ، يغضبون حين عرض عليهم النبي ص تزويج زينب بزيد بن حارثة معتبرين أن ذلك يحط من شأنهم ، وشملت زينب بنت جحش ، وهي تقول: «أنا سيدة أبناء عبد شمس » . وفي بعض الروايات . أنها قالت لرسول الله ص عن زيد : «لا أرضاه وأنا أيم قريش» .
وزينت بنت جحش هي قرشيّة عادية من بطون قريش ومع هذا رفضت أن تتزوج من أعرابي ، وهذا ما يؤكد الاستغراب ممّا يزعمونه من أن خديجة كانت متزوجة قبل رسول الله به برجلين من أعراب بني تميم ، مع أنها كانت أعظم قدراً وأشرف نسبا ، وأجمل موقعا من زينب بنت جحش . فكيف رضيت هذه المرأة الشريفة العائلة ، والتي كان كل أشراف وأمراء قريش حريصين على الزواج منها ، بأن تتركهم جميعا ، ثم تختار أعرابيّا مجهولا من بني تميم ، ليكون زوجا لها ، وأبا لأولادها؟! .
ورزق رسول الله من هذا الزواج ثلاثة أولاد ؛ ابنان هما القاسم والطاهر اللذان ماتا في مكة قبل البعثة ، وهما طفلان ، وابنة واحدة هي فاطمة ع ، وأمّا زينب ورقية وأم كلثوم فلم يكن بناته ، بل كن ربيباته .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق