الجمعة، 20 مايو 2022

أنواع المذاهب الشيعية

 أنواع المذاهب الشيعية

الكيسانية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع وبعده محمد بن الحنفية ابن الإمام علي ابن ابي طالب ع ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

الزيدية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع وبعده الإمام علي ابن الحسين السجاد ع وبعده أبنه زيد الشهيد ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

البثرية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع وبعده الإمام علي ابن الحسين السجاد ع ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

الفطحية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع والإمام علي ابن الحسين السجاد ع ، والإمام محمد الباقر ع والإمام جعفر الصادق ع وبعده أبنه عبدالله الأفطح ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

الإسماعيلية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع والإمام علي ابن الحسين السجاد ع ، والإمام محمد الباقر ع والإمام جعفر الصادق ع وبعده أبنه إسماعيل ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

الواقفية : يؤمنون بالإمام علي ع والإمام الحسن ع والإمام الحسين ع والإمام علي ابن الحسين السجاد ع ، والإمام محمد الباقر ع والإمام جعفر الصادق ع والإمام موسى الكاظم ، حيث أعتبروه المصلح في آخر الزمان .

الإمامية والأثني عشرية : وهم يؤمنون بأثتي عشر إماماً وهم : الإمام علي ابن ابي طالب ع والإمام الحسن بن علي ع والإمام الحسين بن علي ع والإمام علي ابن الحسين ع والإمام محمد بن علي الباقر ع والإمام جعفر ابن محمد الصادق ع والإمام موسى بن جعفر الكاظم ع والإمام علي ابن موسى الرضا ع والإمام محمد بن علي الجواد ع والإمام علي بن محمد الهادي ع والإمام الحسن بن علي العسكري والإمام محمد بن الحسن المهدي ع وهو غائب ويظهر في آخر الزمان 

السبت، 9 مايو 2020

خريطة الدفاع النبوية - معركة الخندق

خريطة الدفاع النبوية - معركة الخندق :
.
توزعت خريطة الدفاع النبوية على مجموعة محاور ، وهي :
.
المحور الأول : البعد الروحي :
كان رسول الله ص في تلك الظروف يتوجه إلى الله تعالی ؛ حيث جثا على ركبتيه باسطا يديه ، باكية عيناه ، ينادي بأشجى صوت : «یا صريخ المكروبين ، يا مجيب دعوة
المضطرين ، اکشف همي ، وكربي، فقد ترى حالي » .

المحور الثاني: الحراسات وسد الثغرات :
من أجل سد الثغرات التي قد تتحول إلى رأس جسر للعبور إلى داخل تحصينات المسلمين ، قام ص بتسيير الدوريات الأمنية والحراسات الليلية على طول الخندق .
وكانوا ثلاثمئة، وعلى رأسهم علي بن أبي طالب . وتوزعت مواقع الحراسة بحيث تستطيع المراصد أن ترى الجانب الآخر من الخندق ، واهتم المسلمون بحراسة مقر قيادة النبي ص كل ليلة ، فكانوا يتناوبون على الحراسة .
وكان النبي ص يحرس بنفسه ، ويشارك في كل الأنشطة العسكرية ، وكان علي بن أبي طالب ع يشرف على العسكر كله في الليل ، يحرسهم من غدر قريش ، فإن تحرك أحد من قريش كان هو من يتصدى له وينابذه . وكان ينفذ لمواقع العدو ليلا ، فيجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم ، ويرصد تحركاتهم ، فلا يزال الليل كله ، فإذا أصبح رجع إلى مركزه .
في المقابل ، كان المشركون عند الخندق يطبقون إجراءات حذر ودفاع ، فتوزعوا الحراسات والكمائن ، وسيروا دوريات متحركة ، وكانوا يطيفون بالخندق طوال الليل حتى يصبحوا ، وهكذا كانت العيون الحذرة من الجانبين ؛ فلم يكن سهلا اختراق الخندق .
.
المحور الثالث : مراقبة حصون بني قريظة :
حرص النبي ص على رصد تحركات ومواقع وحصون بني قريظة لمعرفة مواضع الخلل ، واحتمالات الهجوم من قبلهم ، فأرسل العيون والمستطلعين . وقد حصل بسبب ذلك كثير من الاحتكاكات ، وقتل يهود في اشتباكات متفرقة كالذي قتلته صفية ، والذي قتله رجل من بني حارثة . وقد كان هذان اليهوديان إما في مهمة استطلاعية أو بهدف السطو وكانت الدوريات مكثفة تبلغ الدورية الواحدة مئتي رجل يحرسون المدينة من جهة بني قريظة ، وكانوا طوال الليل يظهرون التكبير حتى الصباح .
.
المحور الرابع: قوة التدخل :
في الوقت نفسه ، شكل النبي بقيادة علي بن أبي طالب ع قوة ضاربة متحركة سريعة من بضعة وثلاثين فارسا ، كانت تتحرك باستمرار على طول الخندق ما بين طرفيه ، وذلك لمنع العدو من القيام بأية محاولة اختراق للخندق عبر استغلال مسافة عمياء بين مواقع الحراسة الثابتة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

يهود بني قريظة والخطر الداخلي

يهود بني قريظة والخطر الداخلي :
.
 1 . نقض العهد :
 جاء حيي بن أخطب في جوف الليل إلى بني قريظة ، فكرهوا في بادئ الأمر دخوله إلى دارهم ، ثم فتحوا له الباب ، فقال : « ويحك يا كعب ، جئتك بقريش وبغطفان على قادتهما وسادتهما حتى أنختهم بالمدينة . یا کعب ! انقض العهد الذي بينك وبين محمد ولا ترد رأيي ، فإن محمدا لا يفلت من هذا الجمع أبدا ، فإن فاتك هذا الوقت فلا تدرك مثله أبدا ! » ، فأبی کعب ، وقال : « جئتني بذل الدهر .
لقد كان كعب بن أسد يدرك أن تلك الجيوش الزاحفة على المدينة لن تكون قادرة على تحقيق ما تسعى إليه ، وكان حيي بن أخطب يعلم جيدا أن يهوديا ككعب لا يلتزم بعهده بدافع أخلاقي ، ولا يحترم الوفاء والصدق ، ولذلك أخذ حيي يزين له نقض العهد ، ويبين له المصلحة في ذلك ، حتى أعطاه عهدا من الله وميثاقا أن يكون معه إذا فشلت الأحزاب في إنهاء محمد ، فرفض كعب أيضا ، ولجأ حيي إلى الكذب والخداع ، فقال : « لا تقاتل حتى تأخذ سبعين رجلا من قريش وغطفان رهانا عندكم » ، فأجابه شيوخ بني قريظة ممن كان يرغب أصلا بنقض العهد ، ولكن بعضهم لم يقبل هذا الأمر ، فخرج إلى رسول الله والتحق به وأسلم .
.
2 . النبي ص يواجه خيانة بني قريظة :
بلغ رسول الله ص نقض بني قريظة للعهد ، فغمه ذلك غما شديدا ، وشق عليه أن يفتت ذلك أعضاد المسلمين ، فقال : « حسبنا الله ونعم الوكيل » , وبعث إلى بني قريظة وفدا من الأوس بقيادة سعد بن عبادة ، فكان موقفه ص منصفا معهم ، إذ مد إليهم يده ثانية ، مؤكدا لهم أنه ما زال على حسن الجوار وحفظ العهد . وطلب رسول الله ص من الوفد أن يستخبروا له الأمر ، فجاؤوا إلى باب الحصن ، ووجدوهم مکاشفین بالغدر والنيل من رسول الله ص ، فدعوهم إلى الموادعة ، فرفضوا ، وانهال اليهود بسيل من الشتائم والسباب على المسلمين . أخبر الوفد النبي ص بذلك ، فقام النبي ص وتقنع بثوبه واضطجع ، ومكث طويلا ، ثم رفع رأسه ، وكبر يبشر المسلمين بالنصر الأكيد ، وقال : « الله أكبر ، أبشروا يا معشر المسلمين ، بفتح الله ونصره وعونه ، إني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق ، وآخذ المفتاح ، وليهلكن كسرى وقيصر ، ولتنفق أموالهم في سبيل الله » .
.
3. المسلمون في مواجهة نقض بني قريظة للعهد :
نجح الأحزاب في تحويل بني قريظة إلى قوة معادية للمسلمين داخل المدينة ، فاستحکم الحصار وتم من جميع الجهات . فمن جهة الشرق ، كان بنو أسد وهوازن وفرارة
واليهود من بني قريظة والنضير ، ومن جهة الغرب كانت قريش وكنائة وغطفان . فعظم البلاء، واشتد الخوف ، حتى ظن المؤمنون كل ظن ، ونجم النفاق ، وشغلتهم أنفسهم ، فلا
يستريحون ليلا ، ولا نهارا ، وكانوا يبيتون في الخندق خائفين ، فإذا أصبحوا أمنوا .
وكان الخوف العام عند المسلمين من يهود بني قريظة أشد من الخوف من قريش ، فلم يكن هناك خندق ولا حتى حشد عسکري قبالتهم ، بل كانت الآطام والبيوت ، حيث الذراري والأطفال والنساء والأموال ، مما زرع الخوف والرعب في قلوبهم ، وجعل عيونهم بدلا من أن تكون على الخندق تنحرف إلى الخلف ، وتنظر بقلق إلى الآطام .
وبدأت ألسن المنافقين تشكك في قدرتهم على المواجهة ، ولقد حاول النبي ص مواجهة ضغط المنافقين فكان ينفخ روح الحماسة ، ويبث السكينة والطمأنينة في القلوب ، وانتقلت عدوى النفاق إلى كثير من الناس ، ولم يبق مع رسول الله إلا القليل ، فبعضهم انهارت عزائمه ، وبعضهم الآخر استأذن الرسول ، واعتلوا بأن منازلهم عورة ، فأذن لهم .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

النبي ص ينتزع زمام المبادرة - معركة الخندق

النبي ص ينتزع زمام المبادرة - معركة الخندق :
.
برزت نتائج الأسلوب الدفاعي الذي اتبعه النبي ص بحفر الخندق ، فقد نجح في تغيير وجهة المعركة ؛ إذ اعتمد المشركون واليهود والأحزاب على القدرة على حسم المعركة
 عبر المبادرة إلى الهجوم بقوات كبيرة متفوقة عدة وعددا . ولكن حفر الخندق جمد هذه القوات ، وقيد قدرتها على الحركة واختيار ساحة المعركة ووقتها , وأصبح عليها مواجهة هذه العقبة الاصطناعية مع ما يفرضه ذلك من الدخول في قتال جزئي متفرق هنا وهناك ، ولن تستطيع الأحزاب الاستفادة من كامل قوتهم فيها إذ سوف تجبرهم على عدم استعمال الآلاف في هجوم واحد ضاغط ، والاكتفاء بعناصر محدودة في أمكنة محددة قد يحددها النبي ص ، ويمنع عليهم استعمال أمكنة أخرى ، حتى يستطيع تكبيدهم خسائر في المواضع التي يختارها .
وليس معنى هذا إلا أن النبي ص قد انتزع زمام المبادرة من الأحزاب في الحركة على الأرض ، بعد أن حرمها من حرية الحركة التي يوفرها لها عنصر التفوق في العدة والعدد ، وأصبح النبي ص هو الذي يفرض عليهم المعركة ، وإذا ما اخترقوا الخندق ، واستطاعوا تحقيق ثغرة ؛ فسوف يكون قادرا على التحكم فيها بكل قوته ، وخوض معركة جزئية في موقع الثغرة فقط ، فيستفيد من قوته إلى أقصى حدود الاستفادة ، بينما ستكتفي في بقية قواتهم المشلولة عن الحركة بالانتظار .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

تحليل الموقف العام للمعركة - معركة الخندق :

تحليل الموقف العام للمعركة - معركة الخندق :
.
1 . طبيعة تركيبة جيش المشركين :
حقق تحالف الشرك واليهودية أوسع إجماع يمكن الحصول عليه من القبائل المختلفة ،  يسودهم جميعا حقد أسود على الإسلام والمسلمين . فسيطرت على معسكر الشرك والكفر في أول أيام نزولهم عند الخندق حالة من الزهو والغرور ، بسبب ما استشعروہ من القوة والتفوق في العدة والعدد ، والاطمئنان بإحراز النصر . ولذلك فقد احتفلوا فور وصولهم ، وعقدت في خيامهم حلقات العزف ، والغناء ، وشرب الخمر ، وأرسل أبو سفيان کتبا إلى النبي ص مهددا إياه بما جمعه من الأحزاب لقتاله .
 إلا أن عناصر الخلل كانت قوية داخل صفوفهم ، ولكنها لم تظهر في الفترة الأولى للحرب ، إذ كانت تحتاج إلى ظروف موضوعية ، وإلى تطور في سير الحرب . وقد كانت
 كثرة أعداد الأحزاب مشكلة في حد ذاتها ، ولكن هذه المشكلة لم تظهر لهم في الطريق ، بل ابتدأت بالظهور فور اصطدامهم بالإجراء الدفاعي الذي أعده المسلمون ، فانقلبت الكثرة من عنصر إيجابي في المعركة إلى عنصر سلبي ، وأخذت هذه الأعداد الهائلة التي تراوحت بين عشرة آلاف وأربعة وعشرين ألفا ، والآلاف من الدواب التي تحتاج إلى كمية هائلة كل يوم من التموين والعلف ، تضغط كل يوم باتجاه التراجع والانسحاب بعد أن  أجهض الخندق فكرة الحسم العسكري .
 كذلك كانت القبلية والتمزق الذاتي مفسدا ذاتيا يظهر في كل مناسبة ، وبمجرد توقف حركة الجيش عن التقدم ، وانشغاله عن الحرب الحاسمة بالانتظار ، أخذ الشقاق والخلاف ينبت بعشوائية في صفوف لم تكن أصلا متحدة إلا خلال أيام منوا أنفسهم فيها بنصر حاسم ، يحصلون بعده على الغنائم والأسلاب والأموال والتمور والثروة . ثم إذا بالخندق يوقظ هؤلاء جميعا من أحلامهم ؛ فيعودون إلى واقعهم الذي سرعان ما أثمر يأسا ، ثم قرارا بالانسحاب والعودة إلى أهلهم ومضاربهم وديارهم .
.
2 . خيارات جيش الأحزاب :
 بعد أن شاع بين صفوف المشركين خبر الإجراء الدفاعي الذي نفذه المسلمون بحفر الخندق ، تلاشت فكرة خوض معركة حاسمة سريعة ضد المسلمين . إلا أن رؤساء الكفر والشرك ابتدؤوا في جو من الشعور بالتفوق يحاولون إعادة الإمساك بزمام المبادرة ، فقد اعتقدوا أن الحصار الذي أحكموه على المدينة قد جمد أوصال المسلمين ، وقطع مددهم ، بينما كان المدد والشوكة إلى جانبهم .
فأخذت خطتهم العسكرية بالضغط على المسلمين تتضح ملامحها عبر ثلاثة محاور :
.
المحور الأول : محاولة الاستفادة من الحالة اليهودية في داخل المدينة . وكان العائق أمامهم هو العهد الذي وقعه اليهود مع النبي ص ، والذي كان يقضي بعدم مد يد العون إلى أعداء المسلمين ، فكانت خطة رؤوس الشرك والكفر تقوم على حمل يهود بني قريظة على نفض هذا العهد .
.
المحور الثاني : محاولة فتح ثغرة في الخندق يعبر منها المقاتلون ، ويندفعون منها إلى قلب المدينة مستفيدين من تفوقهم العسكري ، ومسقطين اللخط الدفاعي الأساسي الذي اعتمده المسلمون .
.
المحور الثالث : الاعتماد على طول الحصار ، وتضييق الخناق على المدينة ، والمراهنة على عناصر الشقاق والجوع والخوف في إحداث زلزال في صفوف المدافعين قد يؤدي إلى انهيارهم ، فانتشرت مظاهر الفرح والسرور في أوساط المشركين ، وكانت مجالس الخمر والغناء إيحاء منهم لأنفسهم بأن طول التنفس والمكوث الطويل سلاح ماض في هذه المعركة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

جيش الأحزاب والمفاجأة الكبرى

جيش الأحزاب والمفاجأة الكبرى :
.
 وصل الأحزاب إلى المدينة بعد أن فرغ المسلمون من حفر الخندق ، في موسم صيف في زمان حصاد ، وكان الناس قد حصدوا قبل قدومهم بشهر ، وأدخلوا حصادهم أتبانهم ، فقدم الأحزاب وليس في الوادي زرع ، بل كانت المدينة حين قدموا جديبة وهذا ما أثر كثيرا بالخيل والإبل ، ووقف المشركون أمام التخطيط العسكري للنبي ص ، بحفر الخندق والتوزيع العسكري عليه ، وقد فوجئوا مدهوشين من هذا الإجراء الدفاعي فأنكروه ، وقالوا : « ما كانت العرب تعرف هذا » .
 فجعلوا يصولون ويجولون على جانبه المحاذي لهم بعساکرهم وخيلهم ، ورجلهم ، ويدعون المسلمين للقتال وللمبارزة . فأمر النبي ص المسلمين بالثبات في أماكنهم ، ولزوم الخندق وعدم الانجرار وراء الاستفزاز ، وعدم التحرك من دون أوامر منه ، فكانوا لا يجيبون أحدا من المشركين ، ولا يردون عليهم شيئا ، ولزموا مواضعهم كما أمرهم النبي ص .
 وكان لذلك أثر معنوي ، فتهيب المشركون العبور إليهم .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

التخطيط النبوي لمواجهة الأحزاب - معركة الأحزاب

التخطيط النبوي لمواجهة الأحزاب - معركة الأحزاب :


.
 قام المسلمون بإجراءات دفاعية ووقائية عدة لحماية المدينة من غزو قوى الشرك المفترض ، وهي :

1 . استطلاع أخبار الأحزاب :
أخبر جبرائيل النبي ص بما عزم عليه اليهود والعرب ، وكانت أيضا عيون النبي ص المنتشرة حول يثرب ، وعلى طول المنطقة الممتدة منها إلى مكة ، وخصوصا عيون حلفاء عبد المطلب من بني خزاعة ، تنقل إليه الأخبار . فجمع النبي ص المهاجرين والأنصار وأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالجد والجهاد ، ووعدهم النصر إن هم صبروا واتقوا ، وأمرهم بطاعة الله ورسوله .

 2 . مشورة الأصحاب :
 استشار رسول الله ص أصحابه ، فقد كان يريد أسلوبا دفاعيا محددا يجهض الحركة العسكرية للأحزاب ، فقال : « أنبرز لهم من المدينة ، أم نكون فيها ونخندقها علينا ، أم نكون قريبين ونجعل ظهورنا إلى الجبل ؟ » . وأخذ أصحاب رسول الله يطرحون الاقتراحات ، ولكن سلمان المحمدي تدخل مبينا أهمية فكرة حفر الخندق ، والحكمة منها ، فقال : « یا رسول الله ، إنا إذ كنا بأرض فارس وتخوفنا الخيل خندقنا علينا ! ، فهل لك یا رسول الله ، أن نخندق ؟ » .
 فلاقت الفكرة إعجابا لدى المسلمين ، فإن حضارة الفرس ، وتراثهم الحربي ، وشهرتهم في مقارعة الروم كانت ماثلة في أذهان العرب ، فأحب المسلمون الثبات في المدينة ، وأعلنوا موافقتهم على المقترح ، وتحملوا بذلك مسؤولية الخيار والاختيار ، وهذا بالذات هو ما أراده خاتم النبيين من استشارتهم .
.
3 . حفر الخندق :
 انطلقت عملية تنفيذ مشروع دفاعي كبير ، فركب رسول الله ص فرسا له ، ومعه نفر من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، وارتاد موضعا كان ينزله . كانت فكرة الرسول ص أن يجعل جبل سلع خلف ظهره ، فيأمن عدم إمكانية تطويقه والالتفاف عليه ، ثم يخندق ما بين جبل بني عبيد من المذاذ ، إلى ذباب ، إلى راتج ، فيكون الخندق أمامه ، ومعسكره في حضن الجبل ، تحت جبل سلع ، في الجانب المكشوف للخندق الذي امتد على طول الجهة الغربية الشمالية للمدينة ، والتي كانت تتخللها فتحات واسعة صحراوية مكشوفة للبيداء ، يمكن أن تستوعب ألوف الفرسان ، وتصلح ساحة للحرب وللحركة السريعة للجيوش ، وأما الجهتان الشرقية والجنوبية فقد تمتعتا بموانع طبيعية من جهة وجود جبال وصخور بركانية وتضاريس ، وأشجار نخيل كثيفة ومتشابكة ، تحد من حركة الجيوش الفاعلة ، وبموانع اصطناعية أخرى ، كبيوت المدينة التي كانت متشابكة ومتراصة من تلك الجهات . فقد كان سائر المدينة مشبکا بالبنيان ، والنخيل من كل ناحية وهي كالحصن لا يتمكن العدو منها .
وعلى الرغم من الفقر المدقع ، وبدائية الوسائل وأدوات الحفر ، فقد استطاعوا القيام بعمل ضخم في أيام عدة . ويبدو أن خاتم النبيين ص طلب من بني قريظة أن ينفذوا بنود الوثيقة والمعاهدة التي عقدها معهم بالنسبة إلى تقديم المعونة إلى المسلمين .
 فاستعار منهم آلات كثيرة ، من المساحي والفؤوس والمكاتل للحفر ، ثم وزع المسافة المطلوب حفرها على المهاجرين والأنصار ، وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة أو أربعين ذراعا عشرة من المهاجرين والأنصار .
 وكان النبي ص شخصيا الذي افتتح الحفر ؛ فحفر في موضع المهاجرين . وأخذ علي بن أبي طالب ينقل التراب الذي يخرج بالحفر ، وجعل رسول الله ص يعمل معهم في الخندق لينشط المسلمين ، فكانوا يعملون مستعجلين يبادرون قدوم العدو
 عليهم .
وكان المسلمون ينقلون التراب بالمكاتل ، ويرجعونها مملوءة بالحجارة ؛ فقد كانت من أسلحتهم الناجحة في تعطيل حركة المشركين ، وردعهم عن عبور الخندق . وكان علي بن أبي طالب ع وشيعته ، ومنهم عمار بن یاسر ، وسلمان المحمدي ، والمقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، أكثر الناس عناء وعملا في الخندق .
 وفي اليوم الثاني من بدء حفر الخندق ، ظهرت في باطن الخندق صخرة كسرت حديد المعول ، فطلبوا من سلمان أن يخبر النبي ص بأمرها ، فهبط النبي الله وبطنه معصوب بحجر بسبب الجوع ، ومعه علي بن أبي طالب ع ، فتناول رسول
 الله ص المعول ، وضرب به ضربة برق منه برق أضاء منه بين لابتي المدينة ، فكبر النبي ص وكبر المسلمون ، ثم ضربها ثانية ، فكبر وكبروا كذلك ، ثم الثالثة فكذلك أيضا ، فصدعها وتفتتنت .
 وكان إذا ما فرغت مجموعة من حصتها في الحفر ، انتقلت إلى حصة مجموعة أخرى لم تفرغ بعد ، فأعانتها عليها ، حتى تم حفر الخندق بأسرع وقت . وقد بلغ طول الخندق نحوا من خمسة آلاف ذراع ( ألفين وخمسمئة متر تقريبا ) ، وكان عرضه تسعة أذرع ( أربعة أمتار ونصف تقريبا ) ، وعمقه سبعة أذرع ( ثلاثة أمتار ونصف المتر تقريبا ) .
 وأصبحت المدينة بسبب حفر الخندق كالحصن .
 ولعل مدة حفره لم تتجاوز أربعة وعشرين يوما ، وفرغوا منه قبل وصول الأحزاب بثلاثة أيام ، ثم إن النبي ص جعل للخندق أبوابا ، وجعل على الأبواب حرسا . فقد وزع الحراس
على أبواب الخندق الثمانية ، وذلك حتى يقطع الطريق على أي عملية اختراق أمني لصالح المشركين .
 وكان الانضباط العام بأوامر النبي ص مسيطرا على الموقف ، ولكن برزت عناصر عديدة أدت إلى زلزلة هذا الموقف المتحد ، حيث تخلفت طائفة من المنافقين كانوا يعتذرون بالضعف ، وكانوا يستأذنون الحاجات وهمية ، كالذين كانوا يتسللون زاعمين أن بيوتهم عورة .
.
 4 . التعبئة العسكرية لمواجهة المشركين :
 بلغت رسول الله ص الأخبار عن قرب وصول جیش الأحزاب ، فندب المسلمين ودعاهم إلى القتال ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ، ثم أعطى رايته لعلي بن أبي طالب ع . وجمع النساء والصبيان ، وجعلهم في حصون وآطام ، وهي البيوت
 المتراصة الخلفية للمدينة ، وجعل حراسا يطوفون في المدينة حذرا من تسلل المشرکین أو غدر بني قريظة ، وخرج لثمان خلون من ذي القعدة ، أو شوال ، في سبعمئة من المسلمين وما إن وصل إلى ناحية الخندق ، ارتاد العسكر المسلمین موضعا من سفح جبل سلع مکشوفا للخندق ، يؤمن الحماية للمسلمين في حال اختراق العدو . وجعل مركز قيادته
 في موضع عال يمكنه من مراقبة الحركة العامة لساحة المعركة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

تحالف قوى الشرك ضد المسلمين - معركة الخندق

تحالف قوى الشرك ضد المسلمين - معركة الخندق :
.
ابتدئت في خيبر فصول أضخم حشد وأقوى هجوم سوف يقوم به تحالف الشرك واليهودية ضد الإسلام . وبما أن رأس حربة الشرك ضد الإسلام كان قريش الحاقدة ، فقد كانت هي المحطة الأولى لليهود ، حيث مضى ساداتهم ووجوههم إلى مكة يدعون قريشا إلى حرب النبي ص ، وكان أول من قابلهم أبو سفیان ، فطرحوا عليه مشروعهم . ظن أبو سفيان أنها فرصته التاريخية ، فحرضهم على المضي في مشروعهم ، ودعاهم إلى توسيع دائرة اتصالاتهم ، وبذل الجهد في إقناع قریش بحرب النبي ص ، ولو بإعطائها العهود والمواثيق .
تجاوز اليهود كل حد ، وأسقطوا كل المثل والقيم ، واستجابوا للمشركين ، وسجدوا للأوثان ، وبعد الانتهاء من قريش ، توجه اليهود إلى قبائل العرب ، ثم سار اليهود إلى غطفان ، فدعوهم إلى حرب رسول الله ص ، وفي سخاء غير معهود ، جعلوا لغطفان تمر خیبر سنة ، أو نصفه كل سنة .
 لقد كانت دعاية اليهود ووعودهم إلى درجة أنها استطاعت أن تعبئ كل قبائل العرب ضد دولة الإسلام ، فكانوا عشرة آلاف رجل  ، وهكذا نجحوا في التخطيط للحرب ، ثم
 نفذوا مخططاتهم ، ونجحوا في تنفيذها .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

تعريف بمعركة الخندق

تعريف بمعركة الخندق :
.
حصلت معركة الخندق في المدينة المنورة ، حيث حفر المسلمون الخندق حول المدينة ، والمشهور أن هذه المعركة كانت في ذي القعدة من أواخر السنة الرابعة .
وامتدت إلى أوائل السنة الخامسة للهجرة ، وكان اليهود هم الذين خططوا لها ، واتصلوا بقريش وبغطفان ، وسائر القبائل ، وحرضوهم وساعدوهم على التفاهم والاتفاق ، ثم المبادرة إلى غزو خاتم النبيين ص ، والمسلمين في المدينة .
وبعد وصول الأحزاب إلى المدينة ، صدموا بوجود الخندق حولها ، فضربوا حصارا عليها ، وأدى الحصار إلى تعرض المسلمين للأذى والمشقة والجوع ، وانتهى الحصار بانسحاب الأحزاب ، وقد استشهد من المسلمين تسعة أشخاص ، وقتل من الأحزاب أربعة بسبب بعض المحاولات للهجوم والمناوشات الجزئية والمحدودة .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

رسول الله ص في دومة الجندل

رسول الله ص في دومة الجندل :
.
نكب دليل النبي ص عن طريقهم ، فلما كان بينه وبين دومة الجندل يوم ، قال الدليل : يا رسول الله ، إن سوائمهم ترعى عندك : فأقم حتى أنظر» . وسار حتى وجد آثار النعم ، فرجع وقد عرف مواضعهم ، ثم قام المسلمون بالاستيلاء على ماشيتهم ، وأصابوا من أصابوا من أعوان أكيدر ، وهرب من هرب في كل وجه .
جاء الخبر إلى دومة الجندل ، وأحس بذلك أكيدر الكندي فهرب ، واحتمل الرحل ، وخلى السوق ، وتفرق أهلها ، ووصل رسول الله ونزل بساحتهم ، فلم يلق أحدا ، ولم يجد إلا النعم والشاء ، وقد هرب من هرب ، وقام المسلمون بالاستيلاء على ماشيتهم وأموالهم ، ليس حبا بالسلب والنهب ، بل محاولة من النبي ص والمسلمين لإحداث ضغط معنوي كبير على القضاعيين والغساسنة يجر في النتيجة إلى عدم سفك الدماء
والاكتفاء بالضغط المادي عبر الاستيلاء على مواشيهم ، الذي هو أبلغ عند الأعراب ووسيلة ناجحة في إضعافهم ، وردعهم عن الاشتراك في المكائد ضدّ الإسلام .
لقد كان الهجوم الإسلامي على دومة الجندل مخططا له ؛ بحيث يترك آثاره في المنطقة كلها ، فلم يكن النبي ص مستعجلا ولا قلقا ، ولذلك فقد أقام في دومة الجندل أيامًا ، وبث السرايا والبعوث أيامًا عدّة في الاتجاهات المختلفة ، وفرّقها بحثا عن قاطعي الطريق الهاربين، ثم رجعت ولم تصادف منهم أحدًا .
لقد تركت غزوة دومة الجندل آثارًا مهمة على صعيد تطور الأحداث لمصلحة انتصار الإسلام ، فإن سرعة تحرك الجيش الإسلامي إلى مسافة بعيدة ، وإظهاره ثقة عالية بنفسه واطمئنانه إلى عدم جرأة أحد على مهاجمة المدينة في غيابه ، أثبت أنّ هذا الجيش قادر على ضرب أعدائه ، وأن عليهم أن يحسبوا ألف حساب قبل أن يقوموا بأي عدوان .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

الخروج إلى دومة الجندل

الخروج إلى دومة الجندل :
.
تحرك خاتم النبيين في السنة الخامسة في شهر ربيع الأول منها مع ألف من أصحابه ، فكان يسير الليل ويكمن النهار ؛ ليتمكن من مفاجأة العدو ، وأخذه على حين غرّة ، من دون أن يتكبد المسلمون خسائر قد تقع لو أن المشركين كانوا يعلمون بمسير المسلمين إليهم ومستعدين للحرب . وقد غاب عن المدينة مع ألف من أصحابه في هذه الرحلة ، قرابة شهر كامل ، إلى مكان بعيد ، مسافة تزيد عن خمسة عشر يوما ، مع أن
الأعراب كانوا حول المدينة لا يزالون على الشرك ، وهم يترقبون المسلمين ، ويستغلون الفرصة المناسبة للوقيعة بهم ، ومع أن فيها من المنافقين ما لا يقل عددًا عن المسلمين ، وكانوا على اتصال دائم بقريش وأحلافها من المشركين . ومع ذلك ، فقد كان النبي ص مطمئنا إلى عدم وجود أخطار حقيقية على المدينة . فقد كانت أجهزة استخباراته قوية وفاعلة ، لا يفوتها رصد أية تحركات أو تجمعات مريبة ، بل وحتى تستطيع رصد المؤامرات والنوايا أحيانا . وكانت عيونه مبثوثة في مختلف الأنحاء والأرجاء , كما أن مهاجمة المدينة في غياب الرسول ما تحتاج إلى جمع قوى كثيرة من مختلف القبائل ، ولن يخفي ذلك على عيون خاتم النبيين ، مع أنه كان قد احتاط وعقد تحالفات ومعاهدات كثيرة في المنطقة ، وإذا كانت قريش قد عجزت وفشلت ، فكيف بقبائل لا تملك ما كان لقريش من قوة وشوكة ؟
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

غزوة دومة الجندلغزوة دومة الجندل

غزوة دومة الجندل :
.
1. تعريف بالغزوة :
دومة الجندل ، حصن ، أو مدينة بينها وبين دمشق خمس ليال ، وتبعد عن المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة ، وهي بقرب تبوك ، وصاحبها يدين بالنصرانيّة ، وهو في طاعة هرقل ملك الروم .
.
2. أسباب الغزوة :
إن دومة الجندل طرف من بلاد الشام ، وهي بوابة يتم منها العبور إلى بلاد الشام .
فأراد رسول الله ص أن يدنو إلى أدنى الشام ، كمناورة استباقية تزرع الفزع في قلب قيصر الروم ، وليثبت لأطراف الجزيرة المتاخمة لحدود الشام ، وجود حضارة إسلامية جديدة تمثلها الدولة النبوية في المدينة ، وليدخل في عملية تواصل مع القبائل العربية المنتشرة في بادية الشام ، والتي كانت على علاقة قويّة بالروم ، بل شكلوا فيالق عسكرية
في الجيش البيزنطي ، وكان دورهم تشكيل حزام أمني يدفع غارات الأعراب عن المدن السورية .
وكان السبب المباشر للحركة العسكرية العميقة للجيش الإسلامي في عمق بلاد الشام ، معلومات متواترة نقلها التجار ، تفيد بأن جمعا من قبيلتي قضاعة وغسان اللتين تشكلان قوة ضاربة في الجيش الروماني ، احتشدوا بكثرة في دومة الجندل ، بقيادة أكيدر الكندي ، عامل هرقل عليها ، وأنهم يريدون أن يدنوا من المدينة . وكان في دومة الجندل سوق عظيم ، وحركة تجارية نشطة ، فكان الغساسنة والقضاعيون يظلمون من يمرّ بهم ، ويعترضون المسافرين إلى المدينة وتجارهم ، فشكا التجار والسابلة أكيدرًا للنبي ص وهكذا ، تجمعت دوافع القيام بحركة إستراتيجية باتجاه بادية الشام ، هدفها المباشر الحفاظ على حرية طرق المواصلات والإمدادات والتموين ، والذي يأتي عن طريق التجارة مع المناطق الشمالية كسورية وما والاها ، بعد أن أصبح هذا الطريق غير آمن .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

نتائج معركة أحد وآثارهانتائج معركة أحد وآثارها

نتائج معركة أحد وآثارها :
.
1، الخسائر البشرية :
انتهت معركة أحد بسبعين شهيدا من المسلمين ، وهذا ما وعدهم به النبي ص حين فداء الأسرى بعد واقعة بدر ، ومثل نساء المشركين في جثث شهداء المسلمين .
وأما خسائر المشركين فقد بقيت مجهولة ، إلا أن المتيقن أن عليا والحمزة قد قتلا منهم مقتلة عظيمة بلغت على ما يقولون قرابة الخمسين رجلا .

2. الآثار المعنوية والروحية :
يمكن التوقف عند مجموعة من الدروس والعبر التي نستخلصها مما حدث مع جيش المسلمين في معركة أحد ، وكان لها آثار سلبية على المستويين المعنوي والروحي :
.
أ. عدم إطاعة أوامر القيادة : إن القوة التي كانت بقيادة عبد الله بن جبير لم تطع أوامر القيادة ، وتركت مواقعها ، ممّا سبب هجوم العدو بسرعة على المسلمين من الخلف ، فإن السبب الأول لما لحق بالنبي ص وللهزيمة التي لحقت بالمسلمين ، وما جرى عليهم من النكبات ، والقتل الذريع ، حتى لقد قتل منهم سبعون ، وجُرح أعداد هائلة هو أنهم عصوا أمر الرسول الذي كان صريحا معهم في أن لا يتركوا مراكزهم ، حتى يرسل إليهم .
.
ب. الاغترار بالنفس : كان لاغترارهم بأنفسهم ، وبكثرتهم ، أثر كبير في حلول الهزيمة بهم ، والاغترار بالكثرة يفقد العناصر المشاركة شعور الاعتماد على النفس ، ويجعلهم يعيشون روح التواكل ، واللامسؤولية . فقد قالوا للنبي ص : قد كنت في بدر في ثلاثمئة رجل ، فأظفرك الله بهم ، ونحن اليوم بشر كثير ، نتمنى هذا اليوم ، وندعو الله له ، وقد ساقه الله إلى ساحتنا هذه .
.
ج. الطمع في الدنيا : إنهم لما شاهدوا من مكان استقرارهم أن المسلمين يجمعون الغنائم ، وبسبب طمعهم بالحياة الدنيا ، خافوا أن يفوتوا شيئا منها ، فتركوا مواقعهم ، ممّا هيّا لاختراق العدو لثغورهم الخلفيّة ومباغتتهم . فكان لا بد في هذه الحالة من إعادة التمحيص لهم ، وابتلاتهم ، ليرجعوا إلى الله تعالى ، وليميز الله المؤمن من المنافق ، وليزداد الذين آمنوا إيمانا ؛ لأن الإنسان ربما يغفل عن حقيقة العنايات الإلهية ، والإمدادات الغيبية ، حين يرى الانتصارات تتوالى ، فينسب ذلك إلى قدرته الشخصية . ولأجل ذلك ، نجد أنهم حين غلبوا
شكوا في هذا الأمر ، وقالوا : «هل لنا من الأمر شيء»؟ فجاءهم الجواب القاطع «قل : إنّ الأمر لله» . نعم ، لا بدّ إذا من إعادتهم إلى الله تعالى ، وتعريفهم بحقيقة إمكاناتهم ، وقدراتهم .
د. عدم الانضباط : الانضباط أساس النجاح ، خصوصا حينما يكون القائد نبيًا حكيما ، ولربما تكون مخالفة أفراد معدودين سببا في دمار جيش بكامله ، كما كان الحال في قضيّة أحد .
ه. الجبن والخور : وعدم الشجاعة في القتال ؛ لأن عناية الله تعالى ليست أمرا مطلقا غير مشروط ، فهي لا تعني إلغاء جميع الأسباب الطبيعية ، بل هي مشروطة قطعًا بالسعي نحو الهدف الأسمى ، وبالبذل والتضحيات التي تؤهل المقاتلين لأن يكونوا موضعا لعنايات الله والطافه : "يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" . ولذلك كان ينبغي لهم الثبات في مراكزهم ، والالتفاف حول قائدهم ، وعدم اللجوء
إلى القرار العشوائي الذي ربما كان هو السبب في تكبيدهم هذه الخسائر الفادحة ، وربما كان ثباتهم في وسط المعركة أقل خسارة . فلا بد ، لاستمرار العناية الإلهية ، من حفظ الحد الأدنى من الصبر ، وعدم الفرار والارتباط بالقيادة ، وتنفيذ أوامرها .
و. سوء الظن : إن الذين تركوا مراكزهم قد ظنوا أن رسول الله سيغل ، أي يخونهم ، فلا يقسم لهم . وهذا يدل على أن من بين هؤلاء من لم يكن على درجة حسنة من المعرفة والوعي ، ولربما الإيمان أيضا . ولو كان كذلك ، فلا أقل
من أن أخلاقياته وروحيّاته ، بما في ذلك الإعراض عن الدنيا والإيثار ، لم تكن بالمستوى المطلوب . ولعل الآية تشير إلى ظنهم السيئ هذا ، وتقرعهم عليه بأنه "وَمَا كَانَ لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمةً تُم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلَمُونَ" .
ز، طمع المسلمين في معركة بدر : عندما قرر الرسول ص في معركة بدر أن لا يأخذوا أسرى ، ثم خالفوه وأسروا من قريش ، ثم شرع النبي ص بقتل الأسرى ، طمع المسلمون بالفدية وطلبوا منه أن لا يقتلهم ، وأن يأخذ منهم الفدية .
وقد قبل الله تعالى هذا الطلب من المسلمين ، مع ما فيه من مخالفة لله وللرسول ، ولكنه رتب عليه آثارًا وضعيّة ، فنزل جبرائيل على رسول الله ص واشترط أنه إذا أخذتم الفدية من المشركين ، فإنه سوف يقتل منكم في العام القادم بعدد الأسرى الذين افتديتموهم ، وقبل المسلمون هذا الشرط ، وبسبب هذا القبول فقد قتل في أحد سبعون نفرّا وجرح مئة وخمسون .

3. الآثار العسكرية والأمنية :
لقد فرضت معركة أحد واقعا جديدًا على الظروف العسكريّة التي أحاطت بالمدينة .
فقد أظهرت النكسة الجزئية التي أصيب بها المسلمون في أحد ضعفا فيهم أطمع أعداءهم من قبائل العرب وأغراهم بغزوهم والاعتداء عليهم ، فأخذوا يعدون العدّة لذلك ، ما وضع النبي ص في حالة ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية ، والمبادرة إلى أعمال وقائيّة ، تمنع المشركين من تسديد ضربة جديدة للمسلمين ، وغزوهم في عقر دارهم ، ممّا سوف يؤدي أيضا إلى المزيد من إضعاف أمرهم ، وإطماع أعدائهم فيهم ، فاتخذ النبي ص قرارات خطيرة بالمبادرة إلى مبادأة أعداء الإسلام هؤلاء في عقر دارهم ، فإنّ ذلك أبعد للسمع ، وأنكى للعدو ، وأقوى لقلوب المسلمين .
وحتى إن استطاع النبي ص دفع بعض المخاطر بهجمات احترازية ؛ كالهجوم الاستباقي على بني أسد ، واغتيال زعيم بني لحيان ، واستئصال يهود بني النضير ، لكنه لم يستطع
تلافي الخسائر التي نجمت عن غدر الأعراب به وبالمسلمين في الرجيع ، وبئر معونة مستغلين الدوافع السامية عنده وعند أصحابه في الدعوة إلى الله على الرغم من المخاطر والمخاوف .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

محاولة أبي سفيان في اكتساب النصر - معركة أحد

محاولة أبي سفيان في اكتساب النصر - معركة أحد :
.
أراد أبو سفيان أن يعتبر هذا النصر الظاهري ، وإن كان ينطوي على الرعب القاتل ، مؤيدا لدينه ولإلهه هبل . فقد تقدم من بين صفوف المشركين ؛ بحيث يسمع المسلمون صوته، وصرخ بأعلى صوته : «أعل هبل» ، فأمر النبي عليا ع بإجابته؟ فصرخ علي والله أعلى وأجل» . فقال أبو سفيان : «يا علي ، إنه قد أنعم علينا» ، فقال علي :  «بل الله أنعم علينا» .
فقال أبو سفيان : «إنّ الحرب سجال ، يوم بيوم بدر» . فقال علي : «لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار» . ثم قال أبو سفيان ، وكأنه يريد أن يتأكد من أنّ خاتم النبيين ص ما زال حيًا : «يا علي ، أسألك باللات والعرّى هل قتل محمّد؟» ، فقال له علي ع : «لعنك الله ، ولعن الله اللات والعزى معك ، والله ما قتل محمد ، وهو يسمع كلامك بي .
وأراد رسول الله ص استطلاع وضع المشركين ، فقال : «هل من رجل يأتينا بخبر القوم؟» . فلم يجبه أحد ، فقال علي ع : «أنا آتيك بخبرهم» .
قال ص : «اذهب! فإن كانوا ركبوا الخيل ، وجنبوا الإبل ؛ فهم يريدون المدينة . والله لئن أرادوا المدينة لا يأذن الله فيهم ، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ، ثم لأناجزتهم ، وإن كانوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل ؛ فإنهم يريدون مكة» .
فمضى علي ع على ما به من الألم والجراحات ، حتى كان قريبا من القوم فرآهم قد امتطوا الإبل ، وجنبوا الخيل ، فرجع إلى رسول الله ص فأخبره ، فقال النبي : «أرادوا مكة» .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة

المواجهة بين المسلمين والمشركين - معركة أحد

المواجهة بين المسلمين والمشركين - معركة أحد :

وفي معركة أحد سنة ثلاث من الهجرة ، يوم السبت ، للنصف ، أو لسبع خلون من شوال ، وإليك تفاصيل المعركة :
.
1. تقسيم القوات المقاتلة :
.
أ. جيش المشركين :
قسم أبو سفيان المشركين إلى ثلاث مجموعات : قريش في الوسط وهي ثلاثة آلاف رجل من المشاة ، وعلى الميمنة مئتا فارس بقيادة خالد بن الوليد كمينا . وقال لهم أبو سفيان : «إذا رأيتمونا اختلطنا بهم ، فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا من ورائهم ، وعلى الميسرة ، عكرمة بن أبي جهل . وكانت خطة المشركين تعتمد على استدراج المسلمين لكي يبتعدوا عن الجبل ، ويتقدموا إلى وسط ميدان المعركة ، ثم تقوم الخيّالة بالالتفاف بسرعة وراء المسلمين ، لوضعهم بين مطرقة الفرسان وسندان المشاة .
.
ب. الجيش الإسلامي :
أمّا الخطة النبويّة فكانت دفاعيّة إستراتيجيّة . فلما وصل إلى منطقة القتال ، اختار أن ينزل إلى جانب أحد ؛ بحيث يكون ظهرهم إلى الجبل ، فيكون الجبل ملاذا مفترضا للانسحاب ، كذلك كان الجبل مانعا قويًا وصعبا يحد من قدرة فرسان المشركين على تحقيق حركة تطويق للمسلمين . ثم انتقل خاتم النبيين إلى الجنبة التكتيكية ، وكان على يسار المسلمين جبل ، فيه ثغرة ، فأقام عليها خمسين رجلا من الرماة المهرة في إصابة الهدف ، عليهم عبد الله بن جبير ، وأوصاه وأصحابه أن يردوا الخيل عنهم ، لا يأتوهم من خلفهم ، وقال لهم : «إن كانت لنا أو علينا ، فاثبتوا مكانكم لا نؤتين من قبلكم ، إن رأيتمونا تخطفنا الطير ، قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة ؛ فلا تبرحوا من مكانكم هذا ولا تعينونا ، ولا تدفعوا عنا ، وإن قتلنا عن آخرنا ، وارشقوا خيلهم بالنبل ، فإنّ الخيل لا تقدم على النبل . والزموا مراكزكم حتى أرسل إليكم ، فإنّما نؤتي من موضعكم هذا اللهم إني أشهدك عليهم . وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم حتى أدخلناهم مكة ، فلا تبرحوا هذا المكان حتى أرسل إليكم . اتقوا الله ، واصبروا" .
.
2. القتال والاشتباك :
.
. الجولة الأولى : انتصار الإسلام وهزيمة الشرك :
.
كانت ألوية قريش في بني عبد الدار ، وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار ، فبرز . عندها أرسل رسول الله ص علي ع ، وأمره ص بالتقدم . فتقدم
علي وبرز إليه ، وقتله . وهكذا كلما حمل اللواء مشرك ، انقض عليه علي ع وقتله ، وبقي لواؤهم مطروحا على الأرض ، حتى أخذته إحدى نسائهم ، وانهزم القوم ، وكان عدد أصحاب اللواء الذين قتلوا أحد عشر رجلا" .
ولما قتل علي بن أبي طالب ع أصحاب اللواء . انتكست راية المشركين ، وصاروا كتائب متفرقة ، ومن جهة أخرى ، صمد الرماة أصحاب الثغرة ، وردّوا محاولات الالتفاف من الخلف التي كان يحاول القيام بها خالد بن الوليد . واقتتل الناس قتالا شديدا ، و أمن المسلمون في صفوف المشركين ، فجعلوا يضربون وجوههم حتي انتقضت صفوفهم وأبعدوهم عن معسكرهم ، ولم يبق في وسط ساحة المعركة إلا نساء قريش اللواتي كن يولولن منهزمات ، وقد أنصرف المسلمون عنهن ، ولو شاؤوا أسرهن لفعلوا ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وأخذ المقاتلون المسلمون ينتبهون ما تركه المشركون ، وأكبوا
على الغنائم ، وأنزل الله نصره على المسلمين .
.
ب. الجولة الثانية : خسارة الانتصار :
لمّا رأى الرماة المقاتلين المسلمين يغنمون ، قرر بعضهم النزول عن الجبل ، فخطبهم أميرهم عبد الله جبير ، وأمرهم بطاعة الله وطاعة رسوله ، وأن لا يخالفوا أمر رسول الله ، فتركوا أمره وعصوه ، وأقبلوا على الغنائم حتى لم يبق منهم معه إلا نفير ما يبلغون العشرة ، فنظر ضرار بن الخطاب الفهري إلى الجبل الذي يتواجد عليه المقاتلون الرماة ، فوجده خاليا منهم ، فقال لخالد : «انظر وراء !» . فلمّا رأى خالد بن الوليد ذلك ، أمر بالتحرك ، وانضم إليه عكرمة من جهة ميمنة المسلمين ، فانتهوا إلى الجبل، ولم يجدوا عليه القوة التي تستطيع صدهم ، فحملوا عليهم ، وقتلوهم . ثم دخلت خيل المشركين على قوم غارين آمنين ينتهبون ، فأقحموا الخيل عليهم ؛ وتطايروا في كل وجه ، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا ، وتفرق المسلمون في كل وجه ، وخلوا أسرى المشركين .
رأت قريش المنهزمة عودة رجالها إلى الحرب ، ورفعت عمرة بنت علقمة الحارثية لواء هم ، فتراجعت قريش إلى لوائها وعادوا إلى الحرب من جديد .
وبعد تراجع المسلمين من ساحة المعركة ، لم يثبت في أرض المعركة إلا رسول الله ص ، والإمام علي ع وحده ، يدفع عن النبي ، ولكن خلص العدو إلى رسول الله ، وكثر المشركون على النبي ص .
فقال جبريل : «يا محمّد ، إنّ هذه المواساة،  لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى!» . فقال ص : «وما يمنعه ، وهو مني وأنا منه؟!» . فقال جبريل : «وأنا منكما» .
ثم سمع مناديًا من السماء ، فقال النبي ص لعلي ع : «أما تسمع يا علي مديحك في السماء ، إن ملكا ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى الا عليه . فبكى علي ع سرورا ، وحمد الله سبحانه على نعمته .
ورأى المسلمون ثبات رسول الله ، والإمام علي ع ، فبدأ بعضهم بالرجوع إلى أرض المعركة ، زرافات ووحدانا ، إلى أن تكاثروا ، وأصبحوا ثلاثين تقريبا ، فأحاطوا بالنبي ص ، واستطاعوا الوصول به إلى فم الشعب . فعاد النبي ص ينظمهم ، وأرجعهم إلى مراكزهم الأولى ومواقعهم التي كان قد عيّنها لهم قبل المعركة ص ، وعاد بقيّة من كانوا في السفح ، ولكن الذين كانوا على الجبل فوق الصخرة ، لم يعودوا ، أو أكثرهم ، إلى القتال، ولا تركوا مركزهم ، إلا بعد انتهاء المعركة وتوقف القتال . وتحاجز الفريقان ، وقنع المشركون بما وصلوا إليه من قتل من قتلوه في الحرب ، وأملوا يوما ثانيًا يكون لهم فيه الظفر بالنبي ص .
.
المصدر : كتاب السيرة النبوية المباركة